responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 276
وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخَانِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ صَاحِبَ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَوْ مَشْهُورًا بِالْفِسْقِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا عَدْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا مُسْلِمٌ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ خَيْرِ النَّسَبِ.
فَإِنَّ تَفَاخُرَ الْآبَاءِ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ النَّسَبِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْهَرَوِيُّ فِي أَشْرَافِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمَا ذَكَرَ كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ الْأَبْرَصِ أَيْضًا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُعَدُّ الرَّعْيُ مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِمْ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ صِفَةَ مَدْحٍ لِغَيْرِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّ فَقْدَ الْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُعْجِزَةٌ فَتَكُونُ صِفَةَ مَدْحٍ فِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ جَزْمًا. وَأَشَارَ لِمَا فِيهِ الْخِلَافُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ) فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ، وَحَالٌ حَائِلٌ، وَمَالٌ مَائِلٌ، وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُنْفِقْ عَلَى الْوَلَدِ وَتَتَضَرَّرُ هِيَ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» . وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا وَنَقْلًا وَبَسَطَ ذَلِكَ، نَعَمْ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ بِالْإِجْبَارِ مُعْسِرًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا فَهُوَ كَتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا الْجَمَالُ وَالْبَلَدُ وَلَا السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ آخَرَ مُنَفِّرٍ كَالْعَمَى وَالْقَطْعِ وَتَشَوُّهُ الصُّورَةِ، وَإِنْ اعْتَبَرَهَا الرُّويَانِيُّ، وَصَحَّحَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ كَوْنَ الْجَاهِلِ كُفْئًا لِلْعَالِمَةِ، وَرَجَّحَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَرَدَّ عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْمُصَنِّفُ يَرَى اعْتِبَارَ الْعِلْمِ فِي الْأَبِ فَاعْتِبَارُهُ فِي نَفْسِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى. اهـ.
وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ ابْنُ الْمُقْرِي مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رَوْضِهِ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ وَالْكَرَمُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ مُعْتَبَرًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيمَا إذَا أَفْرَطَ الْقِصَرُ فِي الرَّجُلِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ بِمَنْ هُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ تُعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ. اهـ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ: شَرَفُ النَّسَبِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: إحْدَاهَا: الِانْتِهَاءُ إلَى شَجَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُعَادِلَهُ شَيْءٌ. الثَّانِيَةِ: الِانْتِمَاءُ إلَى الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -، وَبِهِمْ رَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى حِفْظَ الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ. وَالثَّالِثَةُ: الِانْتِمَاءُ إلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ الْمَشْهُورِ وَالتَّقْوَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] [الْكَهْفُ] قَالَا: وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ إلَى عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظَّلَمَةِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ، وَإِنْ تَفَاخَرَ النَّاسُ بِهِمْ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَلَامُ النَّقَلَةِ لَا يُسَاعِدُهُمَا عَلَيْهِ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَيْفُ لَا يُعْتَبَرُ الِانْتِسَابُ إلَيْهِمْ، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِمْرَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرْفَةِ، وَذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ النَّفِيسَةَ.

اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست