responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 203
هُوَ مُسْتَحَبُّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ يَجِدُ أُهْبَتَهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQثَبَتَتْ فِي الْأَخْبَارِ، وَخُصَّ مِنْهَا بِالْعُظْمَى، وَدُخُولُ خَلْقٍ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَهِيَ الثَّانِيَةُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خُصَّ بِالثَّالِثَةِ وَالْخَامِسَةِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ - أَيْ مَنْ يُجَابُ شَفَاعَتُهُ - فَنَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ أَنْ يُشَفِّعَهُ فِينَا، وَيُدْخِلَنَا مَعَهُ الْجَنَّةَ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِأَهْلِينَا وَمَشَايِخِنَا وَإِخْوَانِنَا وَمُحِبِّينَا وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.

وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (هُوَ مُسْتَحَبُّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) بِأَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إلَى الْوَطْءِ، وَلَوْ خَصِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِحْيَاءِ (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) وَهِيَ مُؤَنُهُ مِنْ مَهْرٍ وَكِسْوَةِ فَصْلِ التَّمْكِينِ، وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا تَحْصِينًا لِدِينِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ النَّسْلِ وَحِفْظِ النَّسَبِ وَلِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» بِالْمَدِّ: أَيْ قَاطِعٌ وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً الْجِمَاعُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذَلِكَ، وَقِيلَ: مُؤَنُ النِّكَاحِ، وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ رَدَّهُ إلَى مَعْنَى الثَّانِي؛ إذْ التَّقْدِيرُ عِنْدَهُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ لِعَدَمِ شَهْوَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِهَا. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَكَّافِ بْنِ وَدَاعَةَ: أَنَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: أَلَكَ زَوْجَةٌ يَا عَكَّافُ. قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَارِيَةٌ. قَالَ: لَا. قَالَ: وَأَنْتَ صَحِيحٌ مُوسِرٌ. قَالَ: نَعَمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: فَأَنْتَ إذًا مِنْ إخْوَانِ الشَّيَاطِينِ: إنْ كُنْتَ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَى فَالْحَقْ بِهِمْ، وَإِنْ كُنْتَ مِنَّا فَاصْنَعْ كَمَا نَصْنَعُ، فَإِنَّ مِنْ سُنَّتِنَا النِّكَاحَ: شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ، وَإِنَّ أَرْذَلَ مَوْتَاكُمْ عُزَّابُكُمْ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] ؛ إذْ الْوَاجِبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِطَابَةِ، وَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وَلَا يَجِبُ الْعَدَدُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِقَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وَرَدَّ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْمُسْتَطَابَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْحَلَالُ؛ لِأَنَّ فِي النِّسَاءِ مُحَرَّمَاتٌ، وَهُنَّ فِي قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ، وَقِيلَ: هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْأُمَّةِ لَا يَسُوغُ لِجَمَاعَتِهِمْ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ لِبَقَاءِ النَّسْلِ، وَقِيلَ: يَجِبُ إذَا خَافَ الزِّنَا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَتَّجِهُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسَرِّي، وَرُدَّ بِأَنَّ قَائِلَهُ لَحِظَ الْكَمَالَ بِالْإِحْصَانِ الَّذِي يَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا خَوْفَ الرَّجْمِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي التَّسَرِّي وَقِيلَ: يَجِبُ إذَا نَذَرَهُ حَيْثُ كَانَ مُسْتَحَبًّا، وَرُدَّ بِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمُكَلَّفُ، وَالنِّكَاحُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَعَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَهُوَ فِي حَالِ النَّذْرِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إنْشَاءِ النِّكَاحِ، وَبِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ، وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ،

اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست