responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 198
أَوْجُهٌ: أَصَحُّهُمَا إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ اُسْتُحِبَّ، وَإِلَّا فَلَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِحْيَاءِ، وَلِوَفَاءِ دَيْنِهِ (أَوْجُهٌ: أَصَحُّهُمَا إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ) عَلَى الْإِضَافَةِ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (وَإِلَّا فَلَا) يُسْتَحَبُّ، بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْمُخْتَلِفَةُ الظَّاهِرِ كَخَبَرِ: «إنَّ أَبَا بَكْرٍ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَخَبَرِ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أَيْ غِنَى النَّفْسِ وَصَبْرِهَا عَلَى الْفَقْرِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِث: لَا يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. أَمَّا الصَّدَقَةُ بِبَعْضِ مَا فَضَلَ عَمَّا ذُكِرَ فَمُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يُقَارِبُ الْجَمِيعَ، فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِيهِ.

وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ حَرَامٌ مُبْطِلٌ مُحْبِطٌ لِلْأَجْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «ثَلَاثٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» .

خَاتِمَةٌ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ غَيْرَ الْجَنَّةِ، وَأَنْ يَمْنَعَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ بِاَللَّهِ وَتَشَفَّعَ بِهِ لِخَبَرِ: «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ» وَخَبَرِ: «مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ لَكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ. .

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَا يَطْمَعَ الْمُتَصَدِّقُ فِي الدُّعَاءِ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَنْقُصَ أَجْرُ الصَّدَقَةِ، فَإِنْ دَعَا لَهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا لِتَسْلَمَ لَهُ صَدَقَتُهُ.

وَيُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ، قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ فِي وَطْءِ الْحَائِضِ.

وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْقَدِيمِ فَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا ثُمَّ عَمِدَ إلَى ثَوْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَزَلْ فِي حِفْظِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا» وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّصَدُّقِ بِالرَّدِيءِ، بَلْ مِمَّا يُحِبُّ، وَهَذَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِالْفُلُوسِ دُونَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

وَهَلْ قَبُولُ الزَّكَاةِ لِلْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ الْأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ الثَّانِي آخَرُونَ مِنْهُمْ الْجُنَيْدُ وَالْخَوَّاصُ لِئَلَّا يَضِيقَ عَلَى الْأَصْنَافِ، وَلِئَلَّا يُخِلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْأَخَذِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا. ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ، فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ وَإِنْ قَطَعَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا، فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يُضَيِّقْ بِالزَّكَاةِ تَخَيَّرَ، وَأَخْذُهَا أَشَدُّ فِي كَسْرِ النَّفْسِ اهـ. أَيْ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَلَأِ وَتَرْكُهُ فِي الْخَلْوَةِ أَفْضَلُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ النَّفْسِ، وَيُسَنُّ لِلرَّاغِبِ فِي الْخَيْرِ أَنْ لَا يَخْلُوَ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ الصَّدَقَةِ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ:

اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست