responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 179
وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أُعْطِيَ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى مَمْلُوكَهُ، بِخِلَافِ الْغَارِمِ.
وَيُعْطَى الْمُكَاتَبُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى كَسْبِ مَا يُؤَدِّي بِهِ النُّجُومَ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ لَا يُعْطَيَانِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ حَاجَتَهُمَا تَتَحَقَّقُ يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَالْكَسُوبُ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ كِفَايَتَهُ، وَلَا يُمْكِنُ تَحْصِيلِ كِفَايَةِ الدَّيْنِ إلَّا بِالتَّدْرِيجِ وَلَا يُزَادُونَ عَلَى مَا يُؤَدُّونَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ اسْتَدَانَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا فُكَّ بِهِ رَقَبَتِهِ أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ لَا الْمُكَاتِبِينَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَتَعَلَّقَ بَدَلُهُ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا لِحُصُولِ الْمَالِ عِنْدَهُ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ، فَلَوْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَغَرِمَ بَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا، وَلَوْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ شَخْصًا لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ بَلْ يُغَرِّمُهُ السَّيِّدُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الصِّنْفِ السَّادِسِ، وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: دَيْنٌ لَزِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، وَدَيْنٌ لَزِمَهُ لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ، وَهُوَ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَدَيْنٌ لَزِمَهُ لَا لِتَسْكِينِهَا، وَالْمُصَنِّفُ أَسْقَطَ هَذَا الضَّرْبَ، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ بَدَأَ بِالضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ) شَيْئًا يَصْرِفُهُ فِي غَرَضِهَا (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مُبَاحٍ، كَحَجٍّ وَجِهَادٍ وَتَزَوُّجٍ وَأَكْلٍ وَلُبْسٍ (أُعْطِيَ) وَمِثْلُهُ مَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ، وَمَثَّلَ الرَّافِعِيُّ الِاسْتِدَانَةَ لِلْمَعْصِيَةِ بِثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ سَبَقَ فِي الْحَجْرِ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَطَاعِمِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْأَصَحِّ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إسْرَافٌ فِي نَفَقَةٍ بِقَرْضٍ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً بِخِلَافِهِ هُنَاكَ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا فَلَا يُعْطَى (قُلْتُ: الْأَصَحُّ يُعْطَى) مَعَ الْفَقْرِ (إذَا تَابَ) عَنْهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ التَّوْبَةَ قَطَعَتْ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا فَصَارَ النَّظَرُ إلَى حَالِ وُجُودِهَا كَالْمُسَافِرِ لِمَعْصِيَةٍ إذَا تَابَ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِمُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ لِيَظْهَرَ حَالُهُ إلَّا أَنَّ الرُّويَانِيَّ قَالَ: يُعْطَى إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ، وَالثَّانِي: لَا يُعْطَى؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً ثُمَّ يَعُودُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ اسْتَدَانَ لِمَعْصِيَةٍ ثُمَّ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ أُعْطِيَ وَفِي عَكْسِهِ يُعْطَى أَيْضًا إنْ عُرِفَ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ أَوْ لَا، وَلَكِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ، وَالْأُولَى وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَاسْتِدْرَاكُهُ لِمَا يُفْهِمُهُ عُمُومُ مَفْهُومِ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ اسْتَدَانَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّ الْمُسْتَدِينَ لِمَعْصِيَةٍ لَا يُعْطَى مُطْلَقًا، وَلِهَذَا نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُحَرَّرِ الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا يُعْطَى، وَمُرَادُهُ مَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ الْمَفْهُومِ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِينِ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى وَفَاءِ مَا اسْتَدَانَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ، فَلَوْ وَجَدَ مَا يَقْتَضِي بِهِ دَيْنَهُ لَمْ يُعْطِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمِنْ الْمُهِمِّ الْبَحْثُ عَنْ مَعْنَى الْحَاجَةِ، وَعِبَارَةُ أَكْثَرِهِمْ تَقْتَضِي كَوْنَهُ فَقِيرًا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَرُبَّمَا صَرَّحُوا بِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَالْأَقْرَبُ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا يُعْتَبَرُ الْفَقْرُ

اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 4  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست