responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 1  صفحة : 97
فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ وَلَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ لَهَا بَابًا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً. وَفِي الْمُبْتَدِئِ بِهَا أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهَا فَصْلُ الْخِطَابِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي الْآيَةِ.
وَالثَّانِي: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ. وَالثَّالِثُ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ.
وَالرَّابِعُ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ. وَالْخَامِسُ سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ. وَلِذَلِكَ قَالَ: [الطَّوِيلُ]
لَقَدْ عَلِمَ الْحَيُّ الْيَمَانُونَ أَنَّنِي ... إذَا قُلْتُ أَمَّا بَعْدُ أَنِّي خَطِيبُهَا
وَالْمَشْهُورُ بِنَاءُ " بَعْدُ " هُنَا عَلَى الضَّمِّ فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَ حَالَاتٍ: إحْدَاهَا: أَنْ تَكُونَ مُضَافَةً فَتُعْرَبَ إمَّا نَصْبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ خَفْضًا بِمِنْ: وَثَانِيهَا: أَنْ يُحْذَفَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَيُنْوَى ثُبُوتُ لَفْظِهِ فَتُعْرَبَ الْإِعْرَابَ الْمَذْكُورَ وَلَا تُنَوَّنُ لِنِيَّةِ الْإِضَافَةِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ تُقْطَعَ عَنْ الْإِضَافَةِ لَفْظًا وَلَا يُنْوَى الْمُضَافُ إلَيْهِ فَتُعْرَبَ أَيْضًا الْإِعْرَابَ الْمَذْكُورَ وَلَكِنْ تُنَوَّنُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ اسْمٌ تَامٌّ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ النَّكِرَاتِ. وَرَابِعُهَا: أَنْ يُحْذَفَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَيُنْوَى مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ فَتُبْنَى عَلَى الضَّمِّ، وَدَخَلَتْ الْفَاءُ فِي حَيِّزِهَا لِتَضَمُّنِ أَمَّا مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا أَمَّا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِنِيَابَتِهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.

(فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ) الْمَعْهُودِ شَرْعًا الصَّادِقِ بِالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَمَا كَانَ آلَةً لِذَلِكَ كَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ، فَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا غَيْرُهَا مِمَّا يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُهُ (مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ) لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ، وَالْمَفْرُوضُ أَوْلَى مِنْ الْمَنْدُوبِ، وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ مِنْ الْمَفْرُوضِ. وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَتَوَاتَرَتْ وَتَطَابَقَتْ الدَّلَائِلُ الصَّرِيحَةُ وَتَوَافَقَتْ عَلَى فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وَالْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالِاجْتِهَادِ فِي اقْتِبَاسِهِ وَتَعْلِيمِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَقَالَ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا» وَالْمُرَادُ بِالْحَسَدِ الْغِبْطَةُ، وَهِيَ

اسم الکتاب : مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج المؤلف : الخطيب الشربيني    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست