responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 383
[بَابُ الْأَسِيرِ يُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْعَهْدُ أَنْ لَا يَهْرُبَ أَوْ عَلَى الْفِدَاءِ]
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا أُسِرَ الْمُسْلِمُ فَأَحْلَفَهُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ بِلَادِهِمْ إلَّا أَنْ يُخَلُّوهُ فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُقِيمَ وَيَمِينُهُ يَمِينُ مُكْرَهٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَمَّنُوهُ فَهُمْ فِي أَمَانٍ مِنْهُ، وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ مُطْلَقٌ كَفَّرَ وَلَوْ خَلَّوْهُ عَلَى فِدَاءٍ إلَى وَقْتٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ عَادَ إلَى أَسْرِهِمْ فَلَا يَعُودُ وَلَا يَدَعُهُ الْإِمَامُ أَنْ يَعُودَ، وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ تَخْلِيَتِهِ إلَّا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهُمُوهُ فَلَا يُعْطِيهِمْ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَكْرَهُوهُ عَلَى دَفْعِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ أَعْطَاهُمُوهُ عَلَى شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُمْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إلَّا أَدَاؤُهُ إلَيْهِمْ إنَّمَا أُطْرِحَ عَنْهُ مَا اُسْتُكْرِهَ عَلَيْهِ.
(قَالَ) : وَإِذَا قَدِمَ لِيُقْتَلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا الثُّلُثُ.

[بَابُ إظْهَارِ دِينِ النَّبِيِّ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا مِنْ كِتَابِ الْجِزْيَةِ]
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] وَرُوِيَ مُسْنَدًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (قَالَ) : «وَلَمَّا أَتَى كِتَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى كِسْرَى مَزَّقَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُمَزَّقُ مُلْكُهُ» قَالَ: وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَهُ وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَثْبُتُ مُلْكُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ فَتْحَ فَارِسَ وَالشَّامِ فَأَغْزَى أَبُو بَكْرٍ الشَّامَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ فَتْحِهَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفَتَحَ بَعْضَهَا وَتَمَّ فَتْحُهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَفَتَحَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعِرَاقَ وَفَارِسَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ دِينَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ بِأَنْ أَبَانَ لِكُلِّ مَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَمَا خَالَفَهُ مِنْ الْأَدْيَانِ فَبَاطِلٌ وَأَظْهَرَهُ بِأَنَّ جِمَاعَ الشِّرْكِ دِينَانِ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَدِينُ أُمِّيِّينَ فَقَهَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُمِّيِّينَ حَتَّى دَانُوا بِالْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسَبَى حَتَّى دَانَ بَعْضُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَأَعْطَى بَعْضٌ الْجِزْيَةَ صَاغِرِينَ وَجَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَهَذَا ظُهُورُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ قَالَ وَيُقَالُ وَيُظْهَرُ دِينُهُ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ حَتَّى لَا يُدَانَ لِلَّهِ إلَّا بِهِ وَذَلِكَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ.
(قَالَ) : وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْتَابُ الشَّامَ انْتِيَابًا كَثِيرًا وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ مَعَاشِهِمْ مِنْهُ وَتَأْتِي الْعِرَاقَ فَلَمَّا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَوْفَهَا مِنْ انْقِطَاعِ مَعَاشِهَا بِالتِّجَارَةِ مِنْ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ إذَا فَارَقَتْ الْكُفْرَ وَدَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ مَعَ خِلَافِ مُلْكِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ» فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ كِسْرَى ثَبَتَ لَهُ أَمْرٌ بَعْدَهُ، وَقَالَ «إذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ» فَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الشَّامِ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَأَجَابَهُمْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَحْوِ مَا قَالُوا وَكَانَ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَطَعَ اللَّهُ الْأَكَاسِرَةَ عَنْ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَقَيْصَرَ وَمَنْ قَامَ بَعْدَهُ بِالشَّامِ وَقَالَ فِي قَيْصَرَ يَثْبُتُ مُلْكُهُ فَثَبَتَ لَهُ مُلْكُهُ بِبِلَادِ الرُّومِ إلَى الْيَوْمِ وَتَنَحَّى مُلْكُهُ عَنْ الشَّامِ وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست