responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 363
[قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ] [بَابُ مَنْ يَجِبُ قِتَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالسِّيرَةِ فِيهِمْ]
ِ بَابُ مَنْ يَجِبُ قِتَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالسِّيرَةِ فِيهِمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9] فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ أَنْ يُصْلَحَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ تِبَاعَةً فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الصُّلْحَ آخِرًا كَمَا ذَكَرَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ أَوَّلًا قَبْلَ الْإِذْنِ بِقِتَالِهِمْ؛ فَأَشْبَهَ هَذَا أَنْ تَكُونَ التَّبِعَاتُ فِي الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحِ وَمَا تَلِفَ مِنْ الْأَمْوَالِ سَاقِطَةً بَيْنَهُمْ، وَكَمَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عِنْدَنَا قَدْ كَانَتْ فِي تِلْكَ الْفِتْنَةِ دِمَاءٌ يُعْرَفُ فِي بَعْضِهَا الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ وَأُتْلِفَتْ فِيهَا أَمْوَالٌ ثُمَّ صَارَ النَّاسُ إلَى أَنْ سَكَنَتْ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ وَجَرَى الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فَمَا عَلِمْته اُقْتُصَّ مِنْ أَحَدٍ وَلَا أُغْرِمَ مَالًا أَتْلَفَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَا عَلِمْت النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ مَا حَوَوْا فِي الْبَغْيِ مِنْ مَالٍ فَوُجِدَ بِعَيْنِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ أَحَقُّ بِهِ.
(قَالَ) : وَأَهْلُ الرِّدَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرْبَانِ فَمِنْهُمْ قَوْمٌ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ مِثْلُ طُلَيْحَةَ وَمُسَيْلِمَةَ وَالْعَنْسِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ وَمِنْهُمْ قَوْمٌ تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ وَمَنَعُوا الصَّدَقَاتِ وَلَهُمْ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ وَالرِّدَّةُ ارْتِدَادٌ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَارْتِدَادٌ بِمَنْعِ حَقٍّ كَانُوا عَلَيْهِ، وَقَوْلُ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ؟» وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا مِنْ حَقِّهَا لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا أَعْطَوْهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهَا مَعْرِفَةٌ مِنْهُمَا مَعًا أَنَّ مِمَّنْ قَاتَلُوا مَنْ تَمَسَّكَ بِالْإِسْلَامِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا شَكَّ عُمَرُ فِي قِتَالِهِمْ وَلَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ تَرَكُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَصَارُوا مُشْرِكِينَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ جُيُوشَ أَبِي بَكْرٍ وَأَشْعَارِ مَنْ قَالَ الشِّعْرَ مِنْهُمْ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ:
أَلَا أَصْبِحِينَا قَبْلَ نَائِرَةِ الْفَجْرِ ... لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ... فَيَا عَجَبًا مَا بَالُ مِلْكِ أَبِي بَكْرٍ
فَإِنَّ الَّذِي سَأَلُوكُمْ فَمَنَعْتُمْ ... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَحْلَى إلَيْهِمْ مِنْ التَّمْرِ
سَنَمْنَعُهُمْ مَا كَانَ فِينَا بَقِيَّةٌ ... كِرَامٌ عَلَى الْعَزَاءِ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ
وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ الْإِسَارِ: مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إيمَانِنَا وَلَكِنَّا شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا فَسَارَ إلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَقِيَ أَخَا بَنِي بَدْرٍ الْفَزَارِيّ فَقَاتَلَهُ وَمَعَهُ عُمَرُ وَعَامَّةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَمْضَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَالِدًا فِي قِتَالِ مَنْ ارْتَدَّ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَاتَلَهُمْ بِعَوَامَّ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِهِ بِامْتِنَاعِهِ قَاتَلَهُ، وَإِنْ أَتَى الْقِتَالُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى كُلُّ حَقٍّ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ فَمَنَعَهُ بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ: لَا أُؤَدِّي وَلَا أَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ قُوتِلَ، وَكَذَا قَالَ: مَنْ مَنَعَ الصَّدَقَةَ مِمَّنْ نُسِبَ إلَى الرِّدَّةِ فَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِتَالِهِمْ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ فَالْبَاغِي الَّذِي يُقَاتِلُ الْإِمَامَ الْعَادِلَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُمْ فِي أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْإِمَامَ الْعَادِلَ حَقًّا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ حُكْمِهِ وَيَزِيدُ عَلَى مَانِعِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَحْكُمَ هُوَ عَلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَلَوْ أَنَّ نَفَرًا يَسِيرًا قَلِيلِي الْعَدَدِ وَيُعْرَفُ أَنَّ مِثْلَهُمْ لَا يَمْتَنِعُ إذَا أُرِيدُوا فَأَظْهَرُوا آرَاءَهُمْ وَنَابَذُوا الْإِمَامَ الْعَادِلَ وَقَالُوا: نَمْتَنِعُ مِنْ الْحُكْمِ فَأَصَابُوا أَمْوَالًا وَدِمَاءً وَحَدَّدُوا

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست