responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 252
بُلْدَانِهِمْ، ثُمَّ يُعْطِي الْمُقَاتِلَةَ فِي كُلِّ عَامٍ عَطَاءَهُمْ وَالذُّرِّيَّةَ وَالنِّسَاءَ مَا يَكْفِيهِمْ لِسَنَتِهِمْ فِي كُسْوَتِهِمْ وَنَفَقَاتِهِمْ طَعَامًا أَوْ قِيمَتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُعْطِي الْمَنْفُوسَ شَيْئًا ثُمَّ يُزَادُ كُلَّمَا كَبِرَ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِ وَهَذَا يَسْتَوِي؛ لِأَنَّهُمْ يُعْطُونَ الْكِفَايَةَ وَيُخْتَلَفُ فِي مَبْلَغِ الْعَطَاءِ بِاخْتِلَافِ أَسْعَارِ الْبُلْدَانِ وَحَالَاتِ النَّاسِ فِيهَا، فَإِنَّ الْمُؤْنَةَ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ أَثْقَلُ مِنْهَا فِي بَعْضٍ وَلَا أَعْلَمُ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْعَطَاءَ لِلْمُقَاتِلَةِ حَيْثُ كَانَتْ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْفَيْءِ وَقَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَلَغَ فِي الْعَطَاءِ خَمْسَةَ آلَافٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ كِفَايَةِ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: خَمْسَةُ آلَافٍ بِالْمَدِينَةِ وَيَغْزُو إذَا غُزِيَ وَلَسْت بِأَكْثَرَ مِنْ الْكِفَايَةِ إذَا غَزَا عَلَيْهَا لِبُعْدِ الْمَغْزَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهَذَا كَالْكِفَايَةِ عَلَى أَنَّهُ يَغْزُو، وَإِنْ لَمْ يَغْزُ فِي كُلِّ سَنَةٍ.
(قَالَ) : وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِيته فِي أَنْ لَيْسَ لِلْمَمَالِيكِ فِي الْعَطَاءِ حَقٌّ، وَلَا الْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفْضِيلِ عَلَى السَّابِقَةِ وَالنَّسَبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتَجْعَلُ لِلَّذِينَ جَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَهَجَرُوا دِيَارَهُمْ كَمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ كُرْهًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا عَمِلُوا لِلَّهِ وَإِنَّمَا أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغٌ وَسَوَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ النَّاسِ وَلَمْ يُفَضِّلْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا الَّذِي أَخْتَارُهُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ الْمَوَارِيثَ عَلَى الْعَدَدِ فَسَوَّى فَقَدْ تَكُونُ الْإِخْوَةُ مُتَفَاضِلِي الْغَنَاءِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الصِّلَةِ فِي الْحَيَاةِ وَالْحِفْظِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ لِمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ عَلَى الْعَدَدِ فَسَوَّى وَمِنْهُمْ مَنْ يُغْنِي غَايَةَ الْغَنَاءِ وَيَكُونُ الْفُتُوحُ عَلَى يَدَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مَحْضَرُهُ إمَّا غَيْرَ نَافِعٍ وَإِمَّا ضَارًّا بِالْجُبْنِ وَالْهَزِيمَةِ فَلَمَّا وَجَدْت الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ عَلَى التَّسْوِيَةِ كَمَا وَصَفْت كَانَتْ التَّسْوِيَةُ أَوْلَى مِنْ التَّفْضِيلِ عَلَى النَّسَبِ أَوْ السَّابِقَةِ، وَلَوْ وُجِدَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى التَّفْضِيلِ أَرْجَحَ بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ كُنْت إلَى التَّفْضِيلِ بِالدَّلَالَةِ مَعَ الْهَوَى أَسْرَعَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا قَرِبَ الْقَوْمُ مِنْ الْجِهَادِ وَرَخُصَتْ أَسْعَارُهُمْ أُعْطُوا أَقَلَّ مَا يُعْطَى مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ وَغَلَا سِعْرُهُ وَهَذَا، وَإِنْ تَفَاضَلَ عَدَدُ الْعَطِيَّةِ تَسْوِيَةً عَلَى مَعْنَى مَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْجِهَادِ إذَا أَرَادَهُ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَغْزُوا إذَا غَزَوْا وَيَرَى الْإِمَامُ فِي إغْزَائِهِمْ رَأْيَهُ، فَإِنْ اسْتَغْنَى مُجَاهِدُهُ بِعَدَدٍ وَكَثْرَةٍ مِنْ قُرْبِهِ أَغْزَاهُمْ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ مُجَاهِدِهِمْ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي إعْطَاءِ الذُّرِّيَّةِ وَنِسَاءِ أَهْلِ الْفَيْءِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُعْطُونَ وَأَحْسَبُ مِنْ حُجَّتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَمُؤْنَتُهُمْ تَلْزَمُ رِجَالَهُمْ فَلَمْ يُعْطِهِمْ الْكِفَايَةَ فَيُعْطِيهِمْ كَمَالَ الْكِفَايَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا أُعْطُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا فَلَيْسُوا بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ ذُرِّيَّةِ الْأَعْرَابِ وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمْ الَّذِينَ لَا يُعْطُونَ مِنْ الْفَيْءِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَا أَحَدٌ إلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مِنْهَا أَنْ نَقُولَ: لَيْسَ أَحَدٌ بِمَعْنَى حَاجَةٍ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ الَّذِينَ يَغْزُونَ إلَّا وَلَهُ فِي مَالِ الْفَيْءِ أَوْ الصَّدَقَةِ حَقٌّ، وَكَانَ هَذَا أَوْلَى مَعَانِيهِ بِهِ فَإِنْ قِيلَ: مَا دَلَّ عَلَى هَذَا؟ قِيلَ: «قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّدَقَةِ، لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مَرَّةٍ مُكْتَسِبٍ» وَاَلَّذِي أَحْفَظُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْأَعْرَابَ لَا يُعْطُونَ مِنْ الْفَيْءِ.
(قَالَ) : وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ أَهْلَ الْفَيْءِ كَانُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْزِلٍ عَنْ الصَّدَقَةِ وَأَهْلَ الصَّدَقَةِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَهْلِ الْفَيْءِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْعَطَاءُ الْوَاجِبُ فِي الْفَيْءِ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْقِتَالَ.
(قَالَ) : «ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عُرِضْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً فَرَدَّنِي وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست