responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 233
[كِتَابُ الْعَطَايَا وَالصَّدَقَاتِ وَالْحَبْسِ]
ِ، وَمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ السَّائِبَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْمَعُ مَا يُعْطَى النَّاسُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ ثُمَّ يَتَشَعَّبُ كُلُّ وَجْهٍ مِنْهَا فَفِي الْحَيَاةِ مِنْهَا وَجْهَانِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ مِنْهَا وَجْهٌ فَمِمَّا فِي الْحَيَاةِ الصَّدَقَاتُ وَاحْتَجَّ فِيهَا بِأَنَّ «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَلَكَ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أُصِبْ مَالًا مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَدْ أَرَدْت أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبِّسْ الْأَصْلَ وَسَبِّلْ الثَّمَرَةَ» .
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَمَّا أَجَازَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُحَبِّسَ أَصْلَ الْمَالِ وَتُسَبَّلَ الثَّمَرَةُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى إخْرَاجِهِ الْأَصْلَ مِنْ مِلْكِهِ إلَى أَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا لَا يَمْلِكُ مَنْ سَبَّلَ عَلَيْهِ ثَمَرَهُ بَيْعَ أَصْلِهِ فَصَارَ هَذَا الْمَالُ مُبَايِنًا لِمَا سِوَاهُ، وَمُجَامِعًا لَأَنْ يَخْرُجَ الْعَبْدُ مِنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إلَى غَيْرِ مَالِكٍ فَمَلَّكَهُ بِذَلِكَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ لَا رَقَبَتَهُ كَمَا يَمْلِكُ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ الْمَالِ لَا رَقَبَتَهُ، وَمُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحَبِّسِ أَنْ يَمْلِكَ الْمَالَ كَمَا مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُعْتِقِ أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَيَتِمُّ الْحَبْسُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الْمُصَدِّقُ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَزَلْ يَلِي صَدَقَتَهُ - فِيمَا بَلَغَنَا - حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَلِي صَدَقَتَهُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ - تَعَالَى -، وَلَمْ تَزَلْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَلِي صَدَقَتَهَا حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَدِيثًا ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَأَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ وَأَدْخَلَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ وَلَقَدْ حَفِظْنَا الصَّدَقَاتِ عَنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَقَدْ حَكَى لِي عَدَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَهَا حَتَّى مَاتُوا يَنْقُلُ ذَلِكَ الْعَامَّةُ مِنْهُمْ عَنْ الْعَامَّةِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّ أَكْثَرَ مَا عِنْدَنَا بِالْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَعَلَى مَا وَصَفْت لَمْ يَزَلْ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ السَّلَفِ يَلُونَهَا حَتَّى مَاتُوا، وَإِنَّ نَقْلَ الْحَدِيثِ فِيهَا كَالتَّكَلُّفِ.
(قَالَ) : وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ شُرَيْحٍ «أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ بِإِطْلَاقِ الْحَبْسِ» فَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْحَبْسُ الَّذِي جَاءَ بِإِطْلَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ حَدِيثًا ثَابِتًا كَانَ عَلَى مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَحْبِسُ مِنْ الْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَحْبَاسَهُمْ، وَلَا نَعْلَمُ جَاهِلِيًّا حَبَسَ دَارًا عَلَى وَلَدٍ، وَلَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا عَلَى مَسَاكِينَ «وَأَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ الْحَبْسَ» عَلَى مَا رَوَيْنَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِإِطْلَاقِهِ غَيْرُ الْحَبْسِ الَّذِي أَجَازَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ) : وَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِ شُرَيْحٍ لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ جَعَلَ عَرْصَةً لَهُ مَسْجِدًا لَا تَكُونُ حَبْسًا عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَكَذَلِكَ مَا أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ بِحَبْسٍ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَيَجُوزُ الْحَبْسُ فِي الرَّقِيقِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا عُرِفَتْ بِعَيْنِهَا قِيَاسًا عَلَى النَّخْلِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ فَإِذَا قَالَ تَصَدَّقْت بِدَارِي عَلَى قَوْمٍ أَوْ رَجُلٍ مَعْرُوفٍ حَيٍّ يَوْمَ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ أَوْ قَالَ مَوْقُوفَةٌ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مُسَبَّلَةٌ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ فَلَا تَعُودُ مِيرَاثًا أَبَدًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَّا إلَى مَالِكِ مَنْفَعَةٍ يَوْمَ يُخْرِجُهَا إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّلْهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست