responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 209
[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]
ِ (قَالَ الْمُزَنِيّ) : قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] الْآيَةَ. فَأَمَرَ بِحِفْظِ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُمْ الرُّشْدُ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُصْلِحًا لِمَالِهِ عَدْلًا فِي دِينِهِ وَقَالَ - تَعَالَى - {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] وَوَلِيُّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ الْقَيِّمُ بِمَالِهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : فَإِذَا جَازَ أَنْ يَقُومَ بِمَالِهِ بِتَوْصِيَةِ أَبِيهِ بِذَلِكَ إلَيْهِ وَأَبُوهُ غَيْرُ مَالِكٍ كَانَ أَنْ يَقُومَ فِيهِ بِتَوْكِيلِ مَالِكِهِ أَجْوَزُ. وَقَدْ وَكَّلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَقِيلًا.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : وَذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا عَقِيلٌ مَا قَضَى عَلَيْهِ فَعَلَيَّ، وَمَا قَضَى لَهُ فَلِي.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا أَحْسَبُهُ كَانَ يُوَكِّلُهُ إلَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَعَلَّهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَوَكَّلَ أَيْضًا عَنْهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلِيٌّ حَاضِرٌ فَقَبِلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : فَلِلنَّاسِ أَنْ يُوَكِّلُوا فِي أَمْوَالِهِمْ وَطَلَبِ حُقُوقِهِمْ وَخُصُومَاتِهِمْ، وَيُوصُوا بِتَرِكَاتِهِمْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوُكَلَاءِ، وَلَا عَلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَلَا عَلَى الْمُودِعِينَ، وَلَا عَلَى الْمُقَارِضِينَ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّوْا فَيَضْمَنُوا وَالتَّوْكِيلُ مِنْ كُلِّ مُوَكِّلٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَخْرُجُ أَوْ لَا تَخْرُجُ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ حَضَرَ خَصْمٌ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ جَائِزٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : لَيْسَ الْخَصْمُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِسَبِيلٍ، وَقَدْ يَقْضِي لِلْخَصْمِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَيَكُونُ حَقًّا يَثْبُتُ لَهُ بِالتَّوْكِيلِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) : فَإِنْ وَكَّلَهُ بِخُصُومَةٍ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ قَبِلَ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ ثَبَتَ فَإِنْ ثَبَتَ وَأَقَرَّ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِالْإِقْرَارِ، وَلَا بِالصُّلْحِ، وَلَا بِالْإِبْرَاءِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ حَدٍّ لَهُ أَوْ قِصَاصٍ قُبِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَى تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا حَضَرَ الْحَدُّ أَوْ الْقِصَاصُ لَمْ أَحُدَّ، وَلَمْ أَقُصَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَحْدُودُ لَهُ وَالْمُقَصُّ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ، وَيُكَذِّبُ الْبَيِّنَةَ أَوْ يَعْفُو فَيَبْطُلُ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ مَتَاعِهِ فَبَاعَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَدْ دَفَعْتُ إلَيْك الثَّمَنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَمَنَعَهُ مِنْهُ فَقَدْ ضَمِنَهُ إلَّا فِي حَالٍ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ دَفْعُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَمَنَعَهُ ثُمَّ جَاءَ لِيُوَصِّلَهُ إلَيْهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ دَفَعْته إلَيْك لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ صَاحِبٌ لَهُ قَدْ طَلَبْتُهُ مِنْك فَمَنَعْتنِي فَأَنْتَ ضَامِنٌ فَهُوَ مُدَّعٍ أَنَّ الْأَمَانَةَ تَحَوَّلَتْ مَضْمُونَةً وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَعَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ.

(قَالَ) : وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِبَيْعِ مَتَاعِي وَقَبَضْتَهُ مِنِّي فَأَنْكَرَ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْجُحُودِ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك بِبَيْعِ مَتَاعِي فَبِعْته فَقَالَ: مَالَك عِنْدِي شَيْءٌ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَقَالَ صَدَقُوا، وَقَدْ دَفَعْت إلَيْهِ ثَمَنَهُ فَهُوَ مُصَدِّقٌ؛ لِأَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا إلَى أَهْلِهِ فَلَيْسَ هُوَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يُكَذِّبْ نَفْسَهُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ أَمَانَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَلَوْ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] وَبِأَنَّ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَى الْمَالِ كَمَا أَنَّ الْيَتَامَى لَيْسُوا الَّذِينَ ائْتَمَنُوهُ عَلَى الْمَالِ وَقَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] الْآيَةَ وَبِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست