responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 204
[بَابُ الصُّلْحِ]
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَمَا جَازَ فِي الْبَيْعِ جَازَ فِي الصُّلْحِ، وَمَا بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ فِي الصُّلْحِ فَإِنْ صَالَحَ رَجُلٌ أَخَاهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَإِنْ عَرَفَا مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ جَازَ. وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَصَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ صَاحِبُهُ مَا أَعْطَاهُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ رَجُلٌ يُقِرُّ عَنْهُ بِشَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ وَلَيْسَ لِلَّذِي أَعْطَى عَنْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِهِ.

وَلَوْ أَشْرَعَ جُنَاحًا عَلَى طَرِيقٍ نَافِذَةٍ فَصَالَحَهُ السُّلْطَانُ أَوْ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَنُظِرَ فَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ تُرِكَ، وَإِنْ ضَرَّ قُطِعَ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدَى رَجُلٍ فَقَالَا وَرِثْنَاهَا عَنْ أَبِينَا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لِأَخِيهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيهِ.
(قَالَ الْمُزَنِيّ) قُلْت أَنَا: يَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ أَنْ يَبْطُلَ الصُّلْحُ فِي حَقِّ أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لِأَخِيهِ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَالَحَ بِأَمْرِهِ فَيَجُوزُ عَلَيْهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِالنِّصْفِ وَجَحَدَ لِلْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ، وَكَانَ عَلَى خُصُومَتِهِ. وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُقِرَّ لِلْآخَرِ بِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ فَلَهُ الْكُلُّ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ وَلِأَخِيهِ النِّصْفَ كَانَ لِأَخِيهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنِّصْفِ عَلَيْهِ.

وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى دَارٍ أَقَرَّ لَهُ بِهَا بِعَبْدٍ قَبَضَهُ فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدَ رَجَعَ إلَى الدَّارِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَقْتًا فَهِيَ عَارِيَّةٌ إنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا أَوْ صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ سَنَةً فَبَاعَهُ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَتَكُونَ الْخِدْمَةُ عَلَى الْعَبْدِ لِلْمُصَالِحِ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ جَازَ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ مَا اُسْتُخْدِمَ وَبَطَلَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ.

وَإِذَا تَدَاعَى رَجُلَانِ جِدَارًا بَيْنَ دَارَيْهِمَا فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالَ الْبُنْيَانِ الَّذِي لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ إلَّا مِنْ أَوَّلِ الْبُنْيَانِ جَعَلْته لَهُ دُونَ الْمُنْقَطِعِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ بَعْدَ كَمَالِ بُنْيَانِهِ مِثْلَ نَزْعِ طُوبَةٍ، وَإِدْخَالِ أُخْرَى أَحَلَفْتهمَا بِاَللَّهِ وَجَعَلْته بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْصُولٍ بِوَاحِدٍ مِنْ بِنَائِهِمَا أَوْ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا جَمِيعًا جَعَلْته بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ أُحَلِّفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا أَنْظُرَ إلَى مَنْ إلَيْهِ الْخَوَارِجُ، وَلَا الدَّوَاخِلُ، وَلَا أَنْصَافُ اللَّبِنِ، وَلَا مَعَاقِدُ الْقِمْطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا دَلَالَةٌ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ أَحَلَفْتَهُمَا وَأَقْرَرْتُ الْجُذُوعَ بِحَالِهَا وَجَعَلْت الْجِدَارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَرْتَفِقُ بِجِدَارِ الرَّجُلِ بِالْجُذُوعِ بِأَمْرِهِ وَغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَمْ أَجْعَلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ كُوَّةً، وَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ بِنَاءً إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَسَمْته بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَ إنْ كَانَ عَرْضُهُ ذِرَاعًا أُعْطِيهِ شِبْرًا فِي طُولِ الْجِدَارِ ثُمَّ قُلْت لَهُ إنْ شِئْت أَنْ تَزِيدَ مِنْ عَرْصَةِ دَارِك أَوْ بَيْتِك شِبْرًا آخَرَ لِيَكُونَ لَك جِدَارٌ خَالِصٌ فَذَلِكَ لَك. وَلَوْ هَدَمَاهُ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا شَاءَ عَلَيْهِ إذَا بَنَاهُ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ، وَإِنْ شَاءَا أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَسَمْت أَرْضَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ السُّفْلُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَالْعُلُوُّ فِي يَدَيْ آخَرَ فَتَدَاعَيَا سَقْفَهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ سَقْفَ السُّفْلِ تَابِعٌ لَهُ وَسَطْحَ الْعُلُوِّ أَرْضٌ لَهُ فَإِنْ سَقَطَ لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ فَإِنْ تَطَوَّعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِأَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَبْنِيَ عُلُوَّهُ كَمَا كَانَ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ صَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ سُكْنَاهُ وَنَقْضِ الْجُدْرَانِ لَهُ، وَمَتَى شَاءَ أَنْ يَهْدِمَهَا هَدَمَهَا وَكَذَلِكَ الشُّرَكَاءُ فِي نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْإِصْلَاحِ لِضَرَرٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يُمْنَعُ الْمَنْفَعَةَ فَإِنْ أَصْلَحَ غَيْرُهُ فَلَهُ عَيْنُ مَالِهِ مَتَى شَاءَ نَزَعَهُ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ عَلَى

اسم الکتاب : مختصر المزني المؤلف : المزني، أبو إبراهيم    الجزء : 8  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست