اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة الجزء : 1 صفحة : 475
- لئن كان الموت أعظم المصائب، فإن الغفلة عنه أعظم، من أجل هذا سنت كثرة ذكره.
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) [1] ، يعني الموت. كما يجب الاستعداد له بالتوبة لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال: (يا إخواني لمثل هذا فأعدوا) [2] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) [3] .
والمريض بالاستعداد أولى.
ومن السنة عيادة المريض السليم، حتى الأرمد، لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني) [4] . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، وإتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس) [5] .
كما تسن عيادة الجار المريض ولو كان كافراً.
ويسن تخفيف الزيارة، ويدعو له بالعافية إن طمع في حياته. ومن الأدعية المأثورة ما روت عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بعضهم، يمسحه بيمينه: (أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً) [6] .
فإن رأى حياته غير مرجوة رغبه بتوبة ووصية، ويستحب لأهل المريض ومن يخدمه الرفق به، واحتماله والصبر على ما يشق من أمره، وكذلك من قرب موته بسبب حد أو قصاص، ويستحب للأجنبي أن يوصيهم بذلك، لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنها زنت وهي حبلى، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم ولياً لها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها ... ) [7] .
ويستحب طلب الموت في بلد شريف، لما روي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال: (اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك) [8] .
ويستحب ألا يكره المريض على الدواء وغيره من الطعام.
ويستحب طلب الدعاء من المريض، لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك، فإن دعاءه كدعاء الملائكة) [9] .
ويستحب وعظ المريض بعد عافيته، وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى من التوبة وغيرها من ضروب الخير. وينبغي له هو المحافظة على ذلك، قال تعالى: {وأوفوا بالعهد، إن العهد كان مسؤولا} [10] . [1] ابن ماجه ج 2/ كتاب الزهد باب 31/4258، وهاذم: قاطع، سمي كذلك لأنه يقطع لذات الدنيا قطعاً. [2] ابن ماجه ج 2/ كتاب الزهد باب 19/4195، وشفير القبر حرفه. [3] البخاري ج 5/ كتاب الرقاق باب 3/6053. [4] أبو داود ج 3/ كتاب الجنائز باب 9/3102. [5] البخاري ج 1/ كتاب الجنائز باب 2/1183. [6] البخاري ج 5/ كتاب الطب باب 39/5418. [7] أبو داود ج 4/ كتاب الحدود باب 25/4440. [8] البخاري ج 2/ كتاب فضائل المدينة باب 11/1791. [9] ابن ماجه ج 1/ كتاب الجنائز باب 1/1441. [10] الإسراء: 34.
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة الجزء : 1 صفحة : 475