اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة الجزء : 1 صفحة : 239
- تجب الصلاة في أول الوقت وجوباً موسعاً مستقراً بإمكان فعلها، لقوله تعالى: {أم الصلاة لدلوك الشمس} (الإسراء: 78) فهذا الأمر بإقامة الصلاة تناوله أول الوقت فاقتضى الوجوب فيه ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (صل الصلاة لوقتها) (مسلم ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 41/238) أي لأول وقتها. لكن هذا الوجوب موسع، مستقر بإمكان فعلها، ومعنى الوجوب الموسع أنه يجوز تأخيرها حتى يبقى من الوقت ما يسعها لأنها تجوز في عموم الأوقات فكان كل وقت لجوازها وقتاً لوجوبها.
فإن دخل وقتها كان المكلف بين أمرين: الصلاة أو العزم عليها وجوباً، فإن لم يصل ولم يعزم أثم، ولو عزم ولم يفعل، ومات مع اتساع الوقت لا يموت عاصياً لأنه مأذون له بالتأخير، ولها وقت محدود (بخلاف الحج، إذ لو أخره مع الاستطاعة ثم مات يموت عاصياً، لأن وقت الحج العمر)
على أن لأدائها في أول الوقت فضلاً عظيماً لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) " (البخاري ج 1/ كتاب مواقيت الصلاة باب 4/504)
وإذا كان أمام المصلي من الوقت ما يسع الواجبات والسنن حين البدء بالصلاة جاز له تطويل القراءة، وإن خرج الوقت قبل أن يتم الصلاة. روى أنس رضي الله عنه " أن أبا بكر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة. فقال له عمر: كادت الشمس أن تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين" (البيهقي ج 2/ ص 389)
ومع ذلك فالأولى ترك التطويل بحيث يخرج الوقت، وفي الحالة السابقة إن أدرك ركعة (تنتهي الركعة بالجلوس بعد السجدة الثانية) في الوقت وقعت الصلاة أداء وإلا فقضاء لا إثم فيه.
وإن شرع في الصلاة والباقي من الوقت ما يسع الواجبات فقط، فالأفضل أن يأتي بالسنن، أي يقصر القراءة، ويأتي بكل من الواجبات والسنن، وإن شرع فيها والباقي من الوقت لا يسع الواجبات فيجب عليه عندئذ الاقتصار على الفرائض.
ومن أدرك ركعة في الوقت فالكل أداء مع الإثم، أو دونها فقضاء مع الإثم للتأخير، لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) (البخاري ج 1 / كتاب مواقيت الصلاة باب 28/555)
واختصت الركعة بذلك لاشتمالها على معظم أفعال الصلاة، إذ معظم الباقي تكرار لها. ولا عذر في تأخير الصلاة بحيث يخرج وقتها إلا لنائم أو ناس أو مؤخراً عمداً من أجل الجمع في السفر، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط إنما التفريط فيمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى حين ينتبه لها) (النسائي ج 1/ص 294)
ويستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما إن ضاق وقتها لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت" (مسلم ج 1/ كتاب الصلاة باب 51/268)
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة الجزء : 1 صفحة : 239