responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة    الجزء : 1  صفحة : 181
- إن ما تصيبه النجاسة إما أن يكون ماء، أو مائعاً سوى الماء، أو جامداً
فالأول: وهو الماء، وهو إما أن يكون أقل من قلتين، أو قلتين فأكثر
فإذا كان الماء المتنجس أقل من قلتين فتطهيره يكون بتكثيره بماء حتى يبلغ القلتين بدون تغير في أي من أوصافه الثلاثة: الطعم واللون والريح، وسواء كان الماء المضاف طاهراً أو متنجساً أو مستعملاً، فإذا فرقت القلتان بعد فهما على طهوريتهما.
أما لو كوثر بمائع آخر غير الماء، متنجس أو طاهر، فبلغ القلتين، ولا تغيُّر فيه فالجميع متنجس.
وإذا كان الماء كثيراً، أي أكثر من قلتين، وتنجس بسبب تغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة، طهر إذا زال تغيره، ويزول التغير بأحد الأمور الثلاثة:
-1- بأن يزول بنفسه، فيذهب اللون أو الطعم أو الريح بطلوع الشمس، أو هبوب الريح، أو مرور الزمان.
-2- بأخذ بعضه، بشرط أن يكون الباقي بعد الأخذ قلتين فأكثر، فإن بقي دونهما لم يطهر بلا خلاف. ويتصور زوال التغير بأخذ بعضه، بأن يكون كثيراً يملأ الإناء، فلا تدخله الريح، فإذا نقص دخلته، وكذلك الشمس، فيطيب. ثم إذا زالت التغير، وحكمنا بطهارته، ثم تغير، فهو باق على طهارته، ولا يضر تغيره، لأنه ماء طاهر تغير بغير نجاسة لاقته، فكان طاهراً كالذي لم ينجس قط.
-3- إضافة ماء آخر إليه، سواء كان الماء المضاف طاهراً أو متنجساً أو قليلاً أو كثيراً، وسواء صب عليه الماء أو نبع عليه.
أما إذا زال التغير بساتر، كأن يلقى فيه مسك فتتغير ريحه، أو يخض الماء حتى يتعكر بكدورة التراب الذي في أسفله، فإنه لا يصبح طهوراً لأن الساتر لا يطهر.
والثاني: وهو المائع سوى الماء، كالزيت والخل، فلا يطهر أبداً، مهما كان كثيراً (أما عند الحنفية فيمكن تطهير المائع المتنجس بصب الماء عليه ورفعه عنه ثلاثاً، أو يوضع في إناء مثقوب ثم يصب عليه الماء فيطفو - إن كان زيتاً، أو سائلاً له خواص الزيت - يحرك ثم يفتح الثقب إلى أن يذهب الماء. وهو قول عند الشافعية أيضاً) ولو زالت عين النجاسة (لكن يجوز استعمال مثل هذه المائعات المتجسة في الصناعة، كما في صناعة الصابون، مع وجوب الاحتياط من نجاستها)
فإذا كان الزيت أو السمن أو غيره من الدهون جامداً، فلا يطهر بالغسل ولا بغيره، بل تلقى النجاسة وما اتصل بها ويستعمل الباقي، فإذن كانت النجاسة مخالطة للدهن، لم يطهر، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه) (أبو داود ج 4/ كتاب الأطعمة باب 48/3842)
والثالث: وهو الجامد، فتطهيره يكون بحسب نوع النجاسة التي أصابته:
-1- تطهير ما تنجس بنجاسة مغلظة: إذا تنجس شيء بملاقاة كلب أو خنزير أو فروعهما أو بملاقاة أسآرهما (جمع سور، وهو ما بقي من الإناء بعد الأكل أو الشرب، ومراد الفقهاء بقولهم سؤر الحيوان طاهر أو نجس، لعابه ورطوبة فمه) فلا يطهر إلا بغسله سبع مرات مع مزج ماء إحداهن بالتراب، ولا يكفي الذر على المحل، ويندب أن يكون في الأولى أو الثانية، ولا يقوم مقام التراب الصابون ولا الإشنان ولا غيرهما، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم في سؤر الكلب: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) وفي رواية (إحداهن) ولا يجب الدلك بل يكفي إلقاؤه في الإناء وتحريكه. ولو ولغ الكب في إناء فيه طعام جامد ألقي ما أصابه وما حوله وبقي الباقي على طهارته (على غرار ما يفعل بالسمن الجامد تموت فيه الفأرة) . وأما الدليل على أن الخنزير كذلك يجب فيه سبع قطعاً مع التراب، فقد قال جمهور الشافعية: إن الخنزير أسوأ حالاً من الكلب، فهو باعتبار العدد أولى:
-2- تطهير ما تنجس بنجاسة مخففة: ينضح بالماء فيطهر، والنضح هو الرش بالماء حتى يعمه، من غير سيلان، لحديث أم قيس بنت محصن رضي الله عنها" أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها لم يأكل الطعام، فوضعته في حجره، فبال، قال عبيد الله: فلم يزد على أن نضح بالماء" (مسلم ج 1 / كتاب الطهارة باب 31/103)
ولحديث أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام) (النسائي ج 1 ص 158) وفي رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "مال يم يطعم" (أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 137/377) 3- تطهير ما تنجس بنجاسة متوسطة: وهي تقسم إلى عينية وحكمية.
والنجاسة العينية: هي التي لها جرم أو لون أو ريح أو طعم، ولا يطهر ما تنجس بنجاسة عينية، إلا بزوال عين النجاسة، ولا يضر بقاء اللون أو الريح إذا عسر زوال أحدهما، وضابط العسر أن يغسل ثلاث مرات مع الفرك ثم يبقى أثر اللون أو أثر الريح، أما إذا بقيا معاً فلا يطهر، لكن يعفى عنهما إن تعذر زوالهما. وكذا إذا تعسر زوال الطعم، فلا تحصل الطهارة، لكن يعفى عنه، فيكون المحل نجساً معفواً عنه لا طاهراً. وضابط التعذر ألا يزول إلا بالقطع.
أما النجاسة الحكمية: فهي التي لا لون لها ولا طعم ولا ريح ولا حجم، كبول جف ولم تدرك له صفة ويطهر المحل منها بسيلان الماء عليه، ولو من غير فعل فاعل، كالمطر مثلاً فالمهم ورود الماء ولو قليلاً، أي صبه على النجاسة، والغسالة (هي الماء المتبقي بعد غسل النجاسة الحكمية عن الثوب ونحوه) القليلة طاهرة غير مطهرة إذا لم تتغير.
والغسل من سائر النجاسات - سوى المغلظة - مرة، ومعنى المرة أن تزول عين النجاسة ولو تعددت المرة، والسنة الثلاث، يعني ثانية وثالثة بعد تتميم الأولى بإزالة عينها. ولا يشترط العصر للطهارة.
تعقيب:
- عند غسل جزء من متنجس، يتعين علينا عند غسل باقيه إعادة غسل قسم من المغسول أولاً مما جاور هذا الباقي، وإلا بقي هذا القسم على نجاسته.

اسم الکتاب : فقه العبادات على المذهب الشافعي المؤلف : درية العيطة    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست