responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 311
كتاب الهبة
هي تمليك تطوع في حياة فإن ملك لاحتياج أو لثواب آخرة فصدقة أو نقله للمتهب إكراما فهدية وأركانها صيغة وعاقد وموهوب وشرط فيها ما في البيع لكن تصح هبة نحو حبتي بر لا موصوف وفي الواهب أهلية تبرع وهبة الدين للمدين إبراء ولغيره صحيحة وتصح بعمري ورقبي كأعمرتك هذا وإن زاد فإذا مت عاد لي وأرقبتكه أو جعلته لك رقبى وشرط في ملك موهوب قبض بإذن أو إقباض فلو مات أحدهما قبله خلفه وارثه وكره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الْهِبَةِ
تُقَالُ لِمَا يَعُمُّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا وَقَدْ اسْتَعْمَلْت الْأَوَّلَ فِي تَعْرِيفِهَا وَالثَّانِيَ فِي أَرْكَانِهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [1] وقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [2] الْآيَةَ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ لَا تَحْقِرَنَّ جارة لجارتها وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ أَيْ ظِلْفَهَا.
" هِيَ " أَيْ الْهِبَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ " تَمْلِيكُ تَطَوُّعٍ فِي حَيَاةٍ " فَخَرَجَ بِالتَّمْلِيكِ الْعَارِيَّةُ وَالضِّيَافَةُ وَالْوَقْفُ وَبِالتَّطَوُّعِ غَيْرُهُ كَالْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَتَعْبِيرِي بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ وَبِزِيَادَتِي فِي حَيَاةِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ " فَإِنْ مَلَكَ لِاحْتِيَاجٍ أَوْ لثواب آخِرَةٍ " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ " فَصَدَقَةٌ " أَيْضًا " أَوْ نَقَلَهُ لِلْمُتَّهَبِ إكْرَامًا " له " فَهَدِيَّةٌ " أَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ هِبَةٌ وَلَا عَكْسَ وَكُلُّهَا مَسْنُونَةٌ وَأَفْضَلُهَا الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُقَابِلُ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَمِنْهَا قَوْلِي " وَأَرْكَانُهَا " أَيْ الْهِبَةِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ثَلَاثَةٌ " صِيغَةٌ وَعَاقِدٌ وَمَوْهُوبٌ وَشَرْطٌ فِيهَا " أَيْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ " مَا " مَرَّ فِي نَظِيرِهَا " فِي الْبَيْعِ " وَمِنْهُ عَدَمُ التَّعْلِيقِ والتأقيت فذكره من زيادتي " لَكِنْ تَصِحُّ هِبَةُ نَحْوِ حَبَّتَيْ بُرٍّ " وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا مَرَّ " لَا " هِبَةُ " مَوْصُوفٍ " فِي الذِّمَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصُّلْحِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْهِبَةِ الْهَدِيَّةُ وَصَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَالصَّدَقَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا صِيغَةٌ بَلْ يَكْفِي فِيهِمَا بَعْثٌ وَقَبْضٌ.
" وَ " شَرْطٌ " فِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ " هَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا مِنْ وَلِيٍّ " وَهِبَةُ الدَّيْنِ " الْمُسْتَقِرِّ " لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ " فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى " وَلِغَيْرِهِ " هِبَةٌ " صَحِيحَةٌ " كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَيْعِهِ بَلْ أَوْلَى وَصَحَّحَ الْأَصْلُ بُطْلَانَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ فِي هِبَةِ غَيْرِ الْمَنَافِعِ أَمَّا هِبَتُهَا فَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةً وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالثَّانِي أَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ أَمَانَةٌ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا " وَتَصِحُّ بعمري ورقبى " فالعمري " كأعمرتك هذا " أي جعلته لك عمرك " وإن زاد فإذا مت عادلي " وَلَغَا الشَّرْطُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: "الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا" " وَ " الرُّقْبَى كَ " أَرْقَبْتُكَهُ أَوْ جَعَلْته لَك رقبي " أي إن مت قبل عادلي وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك اسْتَقَرَّ لَك وَلَغَا الشَّرْطُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد " لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا أَوْ أَعْمَرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ" أَيْ لَا تَعْمُرُوا وَلَا تَرْقُبُوا طَمَعًا فِي أَنْ يَعُودَ إلَيْكُمْ فَإِنَّ سَبِيلَهُ الْمِيرَاثُ وَالرُّقْبَى مِنْ الرُّقُوبِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ الْآخَرِ.
" وَشَرْطٌ فِي مِلْكِ مَوْهُوبٍ " بِالْهِبَةِ الْمُطْلَقَةِ " قَبْضٌ بِإِذْنٍ " فِيهِ مِنْ وَاهِبٍ " أَوْ إقْبَاضٌ مِنْهُ" وإن تراخى القبض عن العقد.

[1] النساء: 4.
[2] البقرة: 177.
اسم الکتاب : فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست