responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 585
التَّلَفِ. وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَتَلَفَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا وَتَحَالَفَا، فَهَلْ يُرَدُّ الْعَبْدُ الْبَاقِي؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي مِثْلِهِ إِذَا وُجِدَ الْبَاقِي مَعِيبًا. إِنْ قُلْنَا: يُرَدُّ، فَيَضُمُّ قِيمَةَ التَّالِفِ إِلَيْهِ. وَفِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ هَذِهِ الْأَوْجُهُ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا، لَكِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ، رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ، وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَاقْتَضَى الْحَالُ الْأَرْشَ، يَجِبُ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ ; لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ فِي الْمَسَائِلِ: أَنَّ مَا ضُمِنَ كُلُّهُ بِالْقِيمَةِ، فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا كَالْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا فِي صُورَةٍ، وَهِيَ لَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ، فَتَلَفَ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَكَانَ مَا عَجَّلَهُ تَالِفًا، يَغْرُمُ الْقَابِضُ الْقِيمَةَ. وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا، فَفِي الْأَرْشِ وَجْهَانِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الزَّكَاةِ وَمَيْلَ الشَّيْخِ إِلَى طَرْدِ الْأَصْلِ فِيهَا.
ثُمَّ التَّلَفُ قَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا، بِأَنْ وَقَفَ الْمَبِيعَ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَاضِيَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ الْفَارِسِيُّ: نَتَبَيَّنُ بِالتَّحَالُفِ فَسَادَهَا، وَتُرَدُّ الْعَيْنُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَالتَّعَيُّبُ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا، بِأَنْ زَوَّجَ الْأَمَةَ، فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُزَوَّجَةً وَخَلِيَّةً، وَتَعُودُ إِلَى الْبَائِعِ، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ. وَعَنِ الْفَارِسِيِّ: أَنَّهُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ. وَمَهْمَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ أَوِ الْأَرْشِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَدْ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي حِينَ تَحَالَفَا، لَمْ يَمْتَنِعِ الْفَسْخُ، فَإِنَّ الْإِبَاقَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّلَفِ، وَيَغْرُمُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ، لِتَعَذُّرِ حُصُولِهِ. وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً صَحِيحَةً. وَإِنْ رَهَنَهُ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ صَبَرَ إِلَى فِكَاكِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ. وَإِنْ آجَرَهُ، بُنِيَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ. إِنْ مَنَعْنَاهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ، لَكِنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَالْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ لِلْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ

اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 585
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست