responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 240
قَلَى السَّمَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَطَرْحَهُ فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَهُوَ يَضْطَرِبٌ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ. وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي ابْتِلَاعِ السَّمَكَةِ حَيَّةً: أَنَّهُ حَرَامٌ. وَعَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ، يُبَاحُ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: فَضَرْبَانِ، مَقْدُورٌ عَلَى ذَبْحِهِ، وَمُتَوَحِّشٌ. فَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ: لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ، وَسَوَاءٌ الْإِنْسِيُّ وَالْوَحْشِيُّ إِذَا ظَفِرَ بِهِ. وَأَمَّا الْمُتَوَحِّشُ، كَالصَّيْدِ، فَجَمِيعُ أَجْزَائِهِ مَذْبَحٌ مَا دَامَ مُتَوَحِّشًا. فَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ، حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ تَوَحَّشَ إِنْسِيٌّ، بِأَنْ نَدَّ بَعِيرٌ، أَوْ شَرَدَتْ شَاةٌ، فَهُوَ كَالصَّيْدِ، يَحِلُّ بِالرَّمْيِ إِلَى غَيْرِ مَذْبَحِهِ، وَبِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرِ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ، فَهُوَ كَالْبَعِيرِ النَّادِّ فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ. وَهَلْ يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ صَاحِبِ «الْبَحْرِ» : التَّحْرِيمُ، وَاخْتَارَ الْبَصْرِيُّونَ الْحِلَّ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: تَحْرِيمُهُ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا الشَّاشِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّوَحُّشِ مُجَرَّدَ الْإِفْلَاتِ، بَلْ مَتَى تَيَسَّرَ اللُّحُوقُ بِعَدْوٍ، أَوِ اسْتِعَانَةٍ بِمَنْ مَسَكَ الدَّابَّةَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ تُوحُّشَا، وَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ. وَلَوْ تَحَقَّقَ الشُّرُودُ، وَحَصَلَ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ: أَنَّ الْبَعِيرَ كَالصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الذَّبْحَ فِي الْحَالِ، فَتَكْلِيفُهُ الصَّبْرُ إِلَى الْقُدْرَةِ، يَشُقُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يُلْحَقَ بِالصَّيْدِ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا حَالَةٌ عَارِضَةٌ قَرِيبَةُ الزَّوَالِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الصَّبْرُ وَالطَّلَبُ يُؤَدِّي إِلَى مَهْلَكَةٍ أَوْ مَسْبَعَةٍ، فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالصَّيْدِ. وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى مَوْضِعِ لُصُوصٍ وَغُصَّابٍ مُتَرَصِّدِينَ، فَوَجْهَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ تَصَرُّفَهُمْ وَإِتْلَافَهُمْ مُتَدَارَكٌ بِالضَّمَانِ. وَالْمَذْهَبُ: مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْأَصْحَابِ. ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُرْحِ الْمُفِيدِ لِلْحِلِّ فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ:

اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست