responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 12
الْأَمْرُ الْخَامِسُ: إِمْكَانُ السَّيْرِ
وَهُوَ أَنْ يَبْقَى مِنَ الزَّمَانِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، مَا يُمْكِنُ السَّيْرُ فِيهِ إِلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ. فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَقْطَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ. وَهَذَا الْأَمْرُ شَرَطَهُ الْأَئِمَّةُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، وَقَدْ أَهْمَلَهُ الْغَزَالِيُّ.
قُلْتُ: أَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - اعْتِرَاضَهُ عَلَى الْغَزَالِيِّ، وَجَعْلَهُ إِمْكَانَ السَّيْرِ رُكْنًا لِوُجُوبِ الْحَجِّ، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ اسْتِقْرَارِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ، لِيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَيْسَ شَرْطًا لَأَصْلِ وُجُوبِ الْحَجِّ. بَلْ مَتَى وُجِدَتِ الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ، لَزِمَهُ الْحَجُّ فِي الْحَالِ، كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا. ثُمَّ اسْتِقْرَارُهَا فِي الذِّمَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الزَّمَانِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِمَا. وَالصَّوَابُ: مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا نُقِلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) [آلِ عِمْرَانَ: 97] وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ. وَكَيْفَ يَكُونُ مُسْتَطِيعًا وَهُوَ عَاجِزٌ حِسًّا؟ ! وَأَمَّا الصَّلَاةُ، فَإِنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

النَّوْعُ الثَّانِي: الِاسْتِطَاعَةُ بِغَيْرِهِ.
يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الشَّخْصِ غَيْرُهُ، إِذَا عَجَزَ عَنِ الْحَجِّ، بِمَوْتٍ، أَوْ كَسْرٍ، أَوْ زَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، أَوْ كَانَ كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَصْلًا، أَوْ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ. فَمَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ، إِذَا أَمْكَنَهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَنْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ. وَكَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ ثُمَّ جُنَّ، لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَسْتَنِيبَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفِيقُ فَيَحُجُّ

اسم الکتاب : روضة الطالبين وعمدة المفتين المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 3  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست