responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف : القليوبي، أحمد سلامة؛ عميرة، أحمد البرلسي    الجزء : 1  صفحة : 6
(الْمَانِّ) أَيْ الْمُنْعِمِ (بِاللُّطْفِ) أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ (وَالْإِرْشَادِ) أَيْ الْهِدَايَةِ لَهَا (الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ) أَيْ الدَّالِ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ ضِدُّ الْغَيِّ (الْمُوَفِّقِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ) أَيْ الْمُقْدِرِ عَلَى التَّفَهُّمِ فِي الشَّرِيعَةِ (مَنْ لَطَفَ بِهِ) أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ (وَاخْتَارَهُ) لَهُ (مِنْ الْعِبَادِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ) أَيْ أَنْهَاهُ (وَأَكْمَلَهُ وَأَزْكَاهُ) أَيْ أَنْمَاهُ (وَأَشْمَلَهُ) أَيْ أَعَمَّهُ الْمَعْنَى أَصِفُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ إذْ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيلٌ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ إيجَادُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالرِّضَا وَعُلُوِّ الْمَرَاتِبِ، وَدُنْيَوِيٍّ وَهُوَ إمَّا كَسْبِيٌّ بِتَرْكِ الرَّذَائِلِ وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ وَالْهَيْئَاتِ الْمَقْبُولَةِ وَالْجَاهِ وَالْمَالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِمَّا وَهْبِيٌّ، وَهُوَ إمَّا رُوحَانِيٌّ كَنَفْخِ الرُّوحِ وَالنُّطْقِ وَالْفَهْمِ وَالْفِكْرِ وَإِمَّا جُسْمَانِيٌّ نَحْوُ كَمَالِ الْأَعْضَاءِ وَصِحَّتِهَا وَاعْتِدَالِهَا.
قَوْلُهُ: (الْمَانِّ) أَيْ الْمُعْطِي هُوَ فَضْلًا أَوْ الْمُعَدِّدُ نِعَمَهُ عَلَى عِبَادِهِ لِأَنَّهُ مِنْهُ مَحْمُودٌ وَمِنْ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضِهِمْ مَذْمُومٌ إلَّا لَمُصْلِحَةٍ تَدْفَعُ مَفْسَدَةً. قَوْلُهُ: (بِاللُّطْفِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَبِفَتْحِهِمَا وَيُطْلَقُ الْأَوَّلُ عَلَى الرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمَبْرُورِ بِهِ وَمِنْهُ مَا سَيَذْكُرُهُ.
قَوْلُهُ: (بِالْإِقْدَارِ) إنْ أُرِيدَ بِهِ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ تَعَالَى فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. وَصِفَةُ الْعَبْدِ هِيَ الْقُدْرَةُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا سَلَامَةُ الْآلَاتِ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُؤْمِنِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْعَرَضُ الْمُقَارِنُ لِلْمَقْدُورِ اخْتَصَّتْ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَاللُّطْفُ مُرَادِفٌ لِلتَّوْفِيقِ وَالطَّاعَةُ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ. وَلَوْ نَدْبًا وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ وَلَوْ كَرَاهَةً، وَأَخُصُّ مِنْهَا الْقُرْبَةَ لِاعْتِبَارِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ فِيهَا. وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا النِّيَّةُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْهِدَايَةِ) فَسَّرَ الْإِرْشَادَ بِهَا لِدُخُولِهِ فِي حَيِّزِ الْمَنِّ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى اللُّطْفِ فَهِيَ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ. قَوْلُهُ: (الدَّالُّ عَلَى طَرِيقِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهِدَايَةِ مُطْلَقُ الدَّلَالَةِ وَلِذَلِكَ عَدَّاهَا بِعَلَى. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الرَّشَادُ، وَكَذَا الْإِرْشَادُ وَالرُّشْدُ لِأَنَّهَا مُتَرَادِفَةٌ مَعْنَاهَا الِاسْتِقَامَةُ وَالْفَلَاحُ وَفِعْلُهَا رَشِدَ كَعَجِبَ أَوْ رَشُدَ كَحَسُنَ وَمُخَالَفَةُ تَفْسِيرِهَا الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ لِمُنَاسِبَتِهِ لِحَالِهَا وَالْغَيُّ ضِدُّ كُلٍّ مِنْهَا. وَأَنْوَاعُ الْهِدَايَةِ لَا تَنْحَصِرُ وَأَجْنَاسُهَا أَرْبَعَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ أَوَّلُهَا إفَاضَةُ الْقُوَى عَلَى الْعَقْلِ وَالْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.
ثَانِيهَا: نَصِيبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ.
ثَالِثُهَا: إرْسَالُ الرُّسُلِ وَإِنْزَالُ الْكُتُبِ.
رَابِعُهَا: كَشْفُ حِجَابِ الْقَلْبِ مُطْلَقًا أَوْ لِيَرَى الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ. قَوْلُهُ: (الْمُقَدِّرُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُوَفِّقِ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّوْفِيقِ الَّذِي هُوَ خَلْقُ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُرَادِفِ لِلُّطْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَضِدُّهُ الْخِذْلَانُ وَهُوَ خَلْقُ الْمَعْصِيَةِ فِي الْعَبْدِ.
قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: وَالْمُخْتَصُّ بِالْمُتَعَلِّمِ مِنْ التَّوْفِيقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: ذَكَاءُ الْقَرِيحَةِ وَطَبِيعَةٌ صَحِيحَةٌ، وَعِنَايَةٌ مَلِيحَةٌ، وَمُعَلِّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ. وَإِذَا جَمَعَ الْمُعَلِّمُ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَقَدْ تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ الصَّبْرَ وَالتَّوَاضُعَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ. وَإِذَا جَمَعَ الْمُتَعَلِّمُ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَقَدْ تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُعَلِّمِ الْعَقْلَ وَالْأَدَبَ وَحُسْنَ الْفَهْمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى التَّفَهُّمِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلتَّفَقُّهِ وَهُوَ أَخْذُ الْفِقْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا. يُقَالُ: فَقِهَ إذَا فَهِمَ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَفَقَهَ إذَا سَبَقَ إلَى الْفَهْمِ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْضًا وَفَقُهَ بِالضَّمِّ صَارَ الْفِقْهُ سَجِيَّةً لَهُ، وَهَذَا مَعْنَى الْفِقْهِ لُغَةً، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ، وَمَوْضُوعُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ، وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَغَايَتُهُ تَكْمِيلُ الْقُوَى النُّطْقِيَّةِ وَالشَّهَوِيَّةِ وَالْغَضَبِيَّةِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا أَبْوَابُ الْفِقْهِ وَالْفَوْزُ بِالسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (فِي الشَّرِيعَةِ) تَفْسِيرٌ لِلدِّينِ سُمِّيَ شَرِيعَةً لِإِمْلَاءِ الشَّارِعِ لَهُ عَلَيْنَا وَدِينًا لِلتَّدَيُّنِ بِهِ بِمَعْنَى الِانْقِيَادِ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَيُسَمَّى مِلَّةً أَيْضًا لِلْإِمْلَاءِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ) لَمْ يُفَسِّرْ اللُّطْفَ بِمَا سَبَقَ فِرَارًا مِنْ التَّكْرَارِ، وَلِعَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُنَا، وَلِمُنَاسَبَةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَاللَّامُ فِي الْخَيْرِ لِلْعُمُومِ وَالْكَمَالِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَهُ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخَيْرِ لِقُرْبِهِ وَرُجُوعُهُ لِلتَّفَقُّهِ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ رُجُوعُهُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (خَيْرًا) هُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ كُلَّ خَيْرٍ وَتَنْوِينُهُ لِلتَّعْظِيمِ، فَهُوَ الْخَيْرُ الْكَامِلُ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخَيْرِ لِغَيْرِهِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ بُشْرَى عَظِيمَةٌ لِلْمُتَفَقِّهِ لِأَنَّ إرَادَةَ الْخَيْرِ مِنْ اللَّهِ لِلْعَبْدِ مُغَيَّبَةٌ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِالْعَلَامَاتِ، وَهَذِهِ أَقْوَاهَا لِصُدُورِهَا عَنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً» ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْفَقِيهُ هُوَ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ الْبَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلَهُ) أَيْ أَتَمَّهُ. قَوْلُهُ: (الْمَعْنَى) لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ وَافِيًا بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ وُصُولُهُ إلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ دَلَالَةِ اللَّامِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِاللُّطْفِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ الْإِنْعَامِ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْغَيِّ) هُوَ الضَّلَالُ وَالْخَيْبَةُ كَمَا قَالَهُ فِي الصَّحَاحِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْمُقَدِّرُ) يَقْتَضِي مُرَادَفَتَهُ لِلُّطْفِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ) لَمْ يُفَسِّرْهُ بِمَا سَبَقَ وَفَاءً بِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْخَيْرِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا إلَخْ) لَا يُقَالُ فِيهِ تَرْتِيبُ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ عَلَى إرَادَةِ اللَّهِ بِهِ خَيْرًا مَا لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ عَلَى

اسم الکتاب : حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف : القليوبي، أحمد سلامة؛ عميرة، أحمد البرلسي    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست