responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف : القليوبي، أحمد سلامة؛ عميرة، أحمد البرلسي    الجزء : 1  صفحة : 401
شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَقْتُ التَّعْزِيَةِ مِنْ حِينَ الْمَوْتِ إلَى الدَّفْنِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَتُكْرَهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيْ لِتَجْدِيدِ الْحُزْنِ بِهَا لِلْمُصَابِ بَعْدَ سُكُونِ قَلْبِهِ بِالثَّلَاثَةِ غَالِبًا، وَمَعْنَاهَا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «أَرْسَلَتْ إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنًا لَهَا فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ الرَّسُولُ: ارْجِعْ إلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» (وَيُعْزَى الْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ يُقَالُ فِي تَعْزِيَتِهِ بِهِ: (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَهُ حَسَنًا (وَغَفَرَ لِمَيِّتِك وَ) الْمُسْلِمُ (بِالْكَافِرِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَصَبَّرَك) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَأَخْلَفَ عَلَيْك (وَالْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعَزِّيَ الذِّمِّيَّ بِقَرِيبِهِ الذِّمِّيِّ فَيَقُولُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدُك، وَهَذَا الثَّانِي لِتَكْثُرَ الْجِزْيَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِبَقَاءِ الْكَافِرِ وَدَوَامِ كُفْرِهِ، فَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ

. (وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ) وَهُوَ قَبْلَهُ أَوْلَى، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَبَعْدَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِبْرَاهِيمُ وَلَدُهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ أَيْ يَسِيلُ دَمْعُهُمَا» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْنَا دَفْنَ بِنْتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَيَّامٍ) أَيْ مِنْ الْمَوْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَالِمٍ حَاضِرٍ بِلَا عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَابْتِدَاؤُهَا مِنْ عِلْمِهِ أَوْ قُدُومِهِ مِنْ غِيبَتِهِ أَوْ زَوَالِ عُذْرِهِ، وَتَحْصُلُ التَّعْزِيَةُ بِكِتَابٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَقْرِيبًا) فَيُغْتَفَرُ لَهُ زِيَادَةُ نَحْوِ نِصْفِ يَوْمٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الدَّفْنِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ عَلَى جَعْلِ الْجَارِّ فِي قَوْلِهِ: بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: وَقْتَ التَّعْزِيَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهَا) أَيْ شَرْعًا، أَمَّا لُغَةً: فَهِيَ التَّصَبُّرُ وَالتَّسْلِيَةُ. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا زَيْنَبُ. قَوْلُهُ: (أَعْظَمَ) هُوَ أَفْصَحُ مِنْ عَظَّمَ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ.
قَوْلُهُ: (جَعَلَهُ حَسَنًا) أَيْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَصَبَّرَك) وَفِي مَعْنَاهُ أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَك. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) بَلْ يُنْدَبُ لِنَحْوِ جَارٍ وَقَرِيبٍ. قَوْلُهُ: (أَخْلَفَ إلَخْ) هَذَا فِيمَنْ يُوجَدُ بَدَلُهُ كَالْوَلَدِ، وَإِلَّا كَالْأَبِ. فَيُقَالُ: خَلَفَ بِلَا هَمْزٍ أَيْ صَارَ اللَّهُ تَعَالَى خَلِيفَةً عَلَيْك.
قَوْلُهُ: (نَقَصَ) هُوَ مُخَفَّفٌ، وَيَجُوزُ فِي عَدَدِك رَفْعُهُ فَاعِلًا وَنَصْبُهُ مَفْعُولًا. قَوْلُهُ: (فَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ) مَرْجُوحٌ وَجَوَابُهُ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ.
(فَرْعٌ) قَدْ عَزَّى الْخَضِرُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءٌ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلْفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوَا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ.
(فَائِدَةٌ) الْخَضِرِ نَبِيٌّ حَيٌّ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَاسْمُهُ بَرَّانُ بْنُ مَلْكَانِ بْنِ قَالِعِ بْنِ ارْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَقِيلَ إلْيَاسُ حَيٌّ أَيْضًا وَاقِفٌ بِخُرَاسَانَ عِنْدَ سَدِّ يَأْجُوجَ.

قَوْلُهُ: (اُلْبُكَا) هُوَ بِالْقَصْرِ مَا كَانَ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، وَلَوْ مَعَ دَمْعِ عَيْنٍ وَحُزْنِ قَلْبٍ، وَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَتِهِ. وَبِالْمَدِّ مَا كَانَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ وَغَيْرِهَا. وَلَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِحُرْمَتِهِ كَمَا فِي أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) إنْ كَانَ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَوْ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَطِفْلٍ فَكَذَلِكَ، لَكِنْ الصَّبْرَ أَجْمَلُ، أَوْ لِصَلَاحٍ وَبَرَكَةٍ وَشَجَاعَةٍ وَفَقْدِ نَحْوِ عِلْمٍ فَمَنْدُوبٌ، أَوْ لِفَقْدِ صِلَةٍ وَبِرٍّ وَقِيَامٍ بِمَصْلَحَةٍ فَمَكْرُوهٌ، أَوْ لِعَدَمِ تَسْلِيمٍ لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (أَوْلَى) أَيْ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ. قَوْلُهُ: (تَذْرِفَانِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا مَعْنَاهَا لُغَةً: فَهُوَ التَّسْلِيَةُ. وَقَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ أَيْ عَلَى الْعَزِيزِ الْمَفْقُودِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ أَفْصَحُ مِنْ عَظَّمَ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ حَيْثُ عَكَسَ. قَالَ: وَالْعَزَاءُ يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ: وَأَحْسَنَ عَزَاءَك التَّسْلِيَةُ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الدُّعَاءِ لِلْحَيِّ، انْتَهَى. أَقُولُ: قَدْ اشْتَمَلَ هَذَا عَلَى الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ، وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ، وَالدُّعَاءِ لِلْحَيِّ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) فِي ذِكْرِ هَذَا هُنَا دُونَ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا إشْعَارٌ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَيِّتِ أَيْضًا، فَلْيُتَأَمَّلْ.

[الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ]
قَوْلُهُ: (تَذْرِفَانِ) مِنْ ذَرَفَ يَذْرِفُ

اسم الکتاب : حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف : القليوبي، أحمد سلامة؛ عميرة، أحمد البرلسي    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست