responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 417
فَإِنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا عَلَّمَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاتِهِ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الْحُفْرَةَ، ثُمَّ إلَى الْحِجْرِ بِالْكَسْرِ الْخَمْسُ فِي أَوْقَاتِهَا مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ ابْتِدَاءً بِالظُّهْرِ إشَارَةً إلَى أَنَّ دِينَهُ سَيَظْهَرُ عَلَى الْأَدْيَانِ ظُهُورَهَا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَمِنْ ثَمَّ تَأَسَّى أَئِمَّتُنَا بِذَلِكَ وَبِآيَةِ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] فِي الْبُدَاءَةِ بِهَا فَقَالُوا (الظُّهْر) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ كَمَا تَقَرَّرَ وَلِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ أَيْ الْحَرِّ
(وَأَوَّلُ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا أَيْ مَيْلِهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا لَا نَفْسَ الْأَمْرِ فَلَوْ ظَهَرَ أَثْنَاءَ التَّحَرُّمِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْفَجْرِ وَيُعْلَمُ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَبِحُدُوثِهِ (وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ) هُوَ لُغَةً السِّتْرُ وَمِنْهُ أَنَا فِي ظِلِّ فُلَانٍ وَاصْطِلَاحًا أَمْرٌ وُجُودِيٌّ خَلَقَهُ اللَّهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبَ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وسم (قَوْلُهُ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ كَانَتْ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ فَرْضِهَا لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ صِيحَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَلِّغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ اهـ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ بِالظُّهْرِ إلَخْ) وَكَانَتْ عِبَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَارِ حِرَاءٍ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ وَإِكْرَامِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْ الضِّيفَانِ فَكَانَ يَتَعَبَّدُ فِيهِ اللَّيَالِيَ ذَوَاتَ الْعَدَدِ وَاخْتَارَ التَّعَبُّدَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يُحِبُّ رُؤْيَتَهَا، ثُمَّ وَجَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْنَا قِيَامُ اللَّيْلِ، ثُمَّ نُسِخَ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَهِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَالْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْبَاطِنَةُ كَالتَّفْكِيرِ، وَالصَّبْرِ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا حَتَّى مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ وَرَدَ تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً وَأَفْضَلُ الْجَمِيعِ الْإِيمَانُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: فَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِجِبْرِيلَ (قَوْلُهُ: وَبِآيَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْبُدَاءَةِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَأَسَّى (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَآخِرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَقِبَ وَقَوْلُهُ تَدُلُّ إلَى فَلَيْسَ (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِلَفْظِ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ إمَامًا لِلنَّبِيِّ، وَالصَّحَابَةِ لَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ رَابِطَةً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جِبْرِيلَ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ لَهُ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مِنْ جِبْرِيلَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ الْفَاضِلُ بِالْمَفْضُولِ خُصُوصًا لِضَرُورَةِ تَعَلُّمِ الْكَيْفِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا كَوْنُ جِبْرِيلَ لَا يَتَّصِفُ بِالذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِمَامِ عَدَمُ الْأُنُوثَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الذُّكُورَةُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَرِّ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ شِدَّةُ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لَيْسَ مِنْ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ فَبِمَاذَا يُحَدَّدُ هَذَا الْوَقْتُ الْغَيْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْ جَانِبِ الْمُنْتَهِي فَلْيُرَاجَعْ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ يُحَدَّدُ بِظُهُورِ الزَّوَالِ لَنَا بِمَا يَأْتِي مِنْ زِيَادَةِ الظِّلِّ، أَوْ حُدُوثِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَيْلُهَا إلَخْ) أَيْ: إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مُغْنِي، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَيْلِ، أَوْ بِزَوَالِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: لَا نَفْسَ الْأَمْرِ) أَيْ: لِوُجُودِ الزَّوَالِ فِيهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا بِكَثِيرٍ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْفُلْكَ الْمُحَرِّكَ لِغَيْرِهِ يَتَحَرَّكُ فِي قَدْرِ النُّطْقِ بِحَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَلِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلُ هَلْ زَالَتْ قَالَ لَا نَعَمْ فَلَمَّا سَأَلَهُ لَمْ تَكُنْ زَالَتْ فَلَمَّا قَالَ لَا تَحَرَّكَ الْفُلْكُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَزَالَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ نَعَمْ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَهَرَ) أَيْ: الْمَيْلُ، وَكَذَا مَرْجِعُ ضَمِيرِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ) أَيْ: التَّحْرِيمُ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَيْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي نَحْوِ الْفَجْرِ) أَيْ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمْرٌ وُجُودِيٌّ إلَخْ) هُوَ يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْفَيْءُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ مُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا الْمُرَادُ بِهِ خَيَالُ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ وَقَوْلُهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ أَيْ بِدَفْعِ أَلَمِ الْحَرِّ عَنْهُ مَثَلًا (وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالْفَوَاكِهِ اهـ قَوْلُهُ م ر كَمَا فِي الْآيَةِ أَيْ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا} [الفرقان: 45] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَتَّى تَطْلُعَ فَيَقَعَ ضَوْءُهَا عَلَى بَعْضِ الْأَجْرَامِ، أَوْ لَا يُوجَدُ وَيَتَفَاوَتُ إلَّا بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا اهـ انْتَهَى سم
(قَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ إلَخْ) وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الزَّوَالِ فَاعْتَبِرْهُ بِقَامَتِك، أَوْ شَاخِصٍ تُقِيمُهُ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ وَعَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ فَمَا زَالَ الظِّلُّ يَنْقُصُ عَنْ الْخَطِّ فَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ وَقَفَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فَهُوَ وَقْتُ الِاسْتِوَاءِ وَإِنْ أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ عُلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ، وَالشَّمْسُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَصْلُ الْوُجُوبِ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَهُنَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ صُبْحِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَنَّ الْخَمْسَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى وَجْهِ الِابْتِدَاءِ بِالظُّهْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَمْسَ وَجَبَتْ مِنْ ظُهْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ مِنْ الْبَوْنِ الْبَائِنِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَيْفَ وَحَاصِلُ الثَّانِي أَوْجَبَتْ مَا عَدَا صُبْحَ يَوْمِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا لَمْ تَجِبْ وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ أَوْجَبَتْ مَا تَبَيَّنَ كَيْفِيَّتُهُ فِي وَقْتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الصُّبْحِ وَجَبَتْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِأَنَّهُ فُرِضَتْ الْخَمْسُ مَا عَدَا صُبْحَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَّا لَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ

اسم الکتاب : تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي المؤلف : الهيتمي، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست