responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجموع شرح المهذب المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 43
إنَّمَا نَشْتَرِطُ اجْتِمَاعَ الْعُلُومِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُفْتٍ مُطْلَقٍ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الشَّرْعِ فَأَمَّا مُفْتٍ في باب خاص كالمناسك والفرائض يكفيه مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْبَابِ كَذَا قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَصَاحِبُهُ ابْنُ بَرْهَانٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَغَيْرُهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ مُطْلَقًا وَأَجَازَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْفَرَائِضِ خَاصَّةً وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ مُطْلَقًا * (الْقِسْمُ الثَّانِي) الْمُفْتِي الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِلٍّ وَمِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ عُدِمَ الْمُفْتِي الْمُسْتَقِلُّ وَصَارَتْ الْفَتْوَى إلَى الْمُنْتَسِبِينَ إلَى أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ * وَلِلْمُفْتِي الْمُنْتَسِبِ أَرْبَعَةُ أحوال أحدها أَنْ لَا يَكُونَ مُقَلِّدًا لِإِمَامِهِ لَا فِي المذهب ولا في دليله لا تصافه بِصِفَةِ الْمُسْتَقِلِّ وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لِسُلُوكِهِ طَرِيقَهُ في الاجتهاد وادعى الاستاذ أبو إسحق هَذِهِ الصِّفَةَ لِأَصْحَابِنَا فَحَكَى عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رحمه الله واحمد وداود واكثر الخفية انهم صارو إلَى مَذَاهِبِ أَئِمَّتِهِمْ تَقْلِيدًا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَهُوَ أَنَّهُمْ صَارُوا إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا تَقْلِيدًا لَهُ بَلْ لَمَّا وَجَدُوا طُرُقَهُ فِي الِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ أَسَدَّ الطُّرُقِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الِاجْتِهَادِ سَلَكُوا طَرِيقَهُ فَطَلَبُوا مَعْرِفَةَ الْأَحْكَامِ بِطَرِيقِ الشَّافِعِيِّ: وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ نَحْوَ هَذَا فَقَالَ اتَّبَعْنَا الشَّافِعِيَّ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّا
وَجَدْنَا قَوْلَهُ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ وَأَعْدَلَهَا لَا أَنَّا قَلَّدْنَاهُ (قُلْتُ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَاهُ مُوَافِقٌ لِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْمُزَنِيّ فِي أَوَّلِ مُخْتَصَرِهِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ مَعَ إعْلَامَيْهِ نَهْيَهُ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو دَعْوَى انْتِفَاءِ التَّقْلِيدِ عَنْهُمْ مُطْلَقًا لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا يُلَائِمُ الْمَعْلُومَ مِنْ حَالِهِمْ أَوْ حَالِ أَكْثَرِهِمْ: وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِ الْأُصُولِ مِنَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ عَصْرِ الشَّافِعِيِّ مُجْتَهِدٌ مُسْتَقِلٌّ * ثُمَّ فَتْوَى الْمُفْتِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَفَتْوَى الْمُسْتَقِلِّ فِي الْعَمَلِ بِهَا وَالِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ (الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ) أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُقَيَّدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ مُسْتَقِلًّا بِتَقْرِيرِ أُصُولِهِ بِالدَّلِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ فِي أَدِلَّتِهِ أُصُولَ إمَامِهِ وَقَوَاعِدَهُ: وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ عَالِمًا بِالْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَأَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ تَفْصِيلًا بَصِيرًا بِمَسَالِكِ الْأَقْيِسَةِ وَالْمَعَانِي تَامَّ الارتياض في التخريخ وَالِاسْتِنْبَاطِ قَيِّمًا بِإِلْحَاقِ مَا لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لِإِمَامِهِ بِأُصُولِهِ: وَلَا يُعَرَّى عَنْ شَوْبِ تَقْلِيدٍ له لا خلافه بِبَعْضِ أَدَوَاتِ الْمُسْتَقِلِّ بِأَنْ يُخِلَّ بِالْحَدِيثِ أَوْ الْعَرَبِيَّةِ وَكَثِيرًا مَا أَخَلَّ بِهِمَا الْمُقَيَّدُ ثُمَّ يَتَّخِذُ نُصُوصَ إمَامِهِ أُصُولًا يَسْتَنْبِطُ مِنْهَا كَفِعْلِ الْمُسْتَقِلِّ بِنُصُوصِ الشَّرْعِ: وَرُبَّمَا اكْتَفَى فِي الْحُكْمِ بِدَلِيلِ إمَامِهِ وَلَا يَبْحَثُ عَنْ مُعَارِضٍ كَفِعْلِ الْمُسْتَقِلِّ فِي النُّصُوصِ: وَهَذِهِ صِفَةُ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَعَلَيْهَا كَانَ أَئِمَّةُ أَصْحَابِنَا أَوْ أَكْثَرُهُمْ: وَالْعَامِلُ بِفَتْوَى هَذَا مُقَلِّدٌ لِإِمَامِهِ لَا لَهُ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ لَا يَتَأَدَّى بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَيَظْهَرُ تَأَدِّي الْفَرْضِ بِهِ فِي الفتوى وان لَمْ يَتَأَدَّ فِي إحْيَاءِ الْعُلُومِ الَّتِي مِنْهَا اسْتِمْدَادُ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ إمَامِهِ الْمُسْتَقِلِّ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ ثُمَّ قَدْ يَسْتَقِلُّ الْمُقَيَّدُ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ بَابٍ خَاصٍّ كَمَا تَقَدَّمَ: وَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ لِإِمَامِهِ بِمَا يُخَرِّجُهُ عَلَى أُصُولِهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِلَيْهِ مَفْزَعُ الْمُفْتِينَ مِنْ مُدَدٍ طَوِيلَةٍ ثُمَّ إذَا أَفْتَى بِتَخْرِيجِهِ فَالْمُسْتَفْتِي مُقَلِّدٌ لِإِمَامِهِ لَا لَهُ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْغِيَاثِيِّ وَمَا أَكْثَرَ فَوَائِدَهُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ هَذَا عَلَى خِلَافٍ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا يُخَرِّجُهُ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَى الشَّافِعِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ: ثُمَّ تَارَةً يُخَرِّجُ مِنْ نَصٍّ مُعَيَّنٍ لامامه

اسم الکتاب : المجموع شرح المهذب المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست