responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 8
- رَحِمَهُ اللَّهُ -: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ. وَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ (قَدْ اصْطَفَى اللَّهُ) أَيْ: اخْتَارَ (خِيَارَ الْخَلْقِ لَهْ) وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَوَرَثَتُهُمْ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنْ لَمْ تَكُنْ الْفُقَهَاءُ الْعَامِلُونَ أَوْلِيَاءً لِلَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ وَلِيٌّ (وَالْعُمْرُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا (عَنْ تَحْصِيلِ كُلِّ عِلْمِ يَقْصُرُ فَابْدَأْ مِنْهُ بِالْأَهَمِّ وَذَلِكَ الْفِقْهُ فَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا غِنًى فِي كُلِّ حَالٍ عَنْهُ) وَلِأَنَّهُ نَتِيجَةُ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ وَسَبَبُ الْفَوْزِ بِالسَّعَادَةِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ الْأَهَمُّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَالْإِيمَانِ بِمَا جَاءَ بِهِ بِقَرِينَةِ إتْيَانِهِ بِمِنْ فِي التَّعْلِيلِ أَوْ جَعَلَهُ الْأَهَمَّ مُبَالَغَةً بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ وَهُوَ لُغَةً الْفَهْمُ وَقِيلَ: فَهْمُ مَا دَقَّ. قَالَ النَّوَوِيُّ يُقَالُ فَقِهَ يَفْقَهُ فَقَهًا كَفَرِحِ يَفْرَحُ فَرَحًا وَقِيلَ: فِقْهًا بِسُكُونِ الْقَافِ وَابْنُ الْقَطَّاعِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ: فَقِهَ إذَا فَهِمَ وَفَقُهَ إذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً وَفَقَهَ إذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إلَى الْفَهْمِ وَاصْطِلَاحًا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ
وَمَوْضُوعُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ بِهَا، وَفِي وَضْعِ النَّاظِمِ " ذَلِكَ " مَوْضِعَ " هُوَ " تَعْظِيمٌ لِلْمُسْنَدِ إلَيْهِ بِالْبُعْدِ تَنْزِيلًا لِبُعْدِ دَرَجَتِهِ وَرِفْعَةِ مَحَلِّهِ مَنْزِلَةَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ (وَلَيْسَ فِي) كُتُبِ (مَذْهَبِنَا) أَيْ: طَرِيقَتِنَا أَيُّهَا الشَّافِعِيَّةُ (كَالْحَاوِي) لِلْعَلَّامَةِ نَجْمِ الدِّينِ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيِّ (فِي الْجَمْعِ) لِلْأَحْكَامِ (وَالْإِيجَازِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ بِهِ خَيْرًا) أَيْ كَامِلًا أَوْ عَظِيمًا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ تُفِيدُ الْعُمُومَ (قَوْلُهُ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا) كِنَايَةٌ عَنْ مُطْلَقِ الْمَالِ وَلَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ بِدَلِيلِ إنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ (قَوْلُهُ فَابْدَأْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ) يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيْ انْتَفَى فِي كُلِّ حَالٍ الْغِنَى عَنْهُ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ الِاحْتِيَاجُ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ. وَتَعَلُّقُهُ بِنَفْيٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْفِيَّ الْغِنَى فِي كُلِّ حَالٍ لَا مُطْلَقًا فَلَا يُقَيَّدُ الِاحْتِيَاجُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ لَا سَلْبِ الْعُمُومِ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذُكِرَ وَيُفِيدُ مَا ذُكِرَ؛ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِمَنْ) أَيْ لِأَنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ أَحَقُّ بِالْأَهَمِّيَّةِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الْقَرِينَةُ إنَّمَا تُفِيدُ هَذَا التَّقْيِيدَ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْفِقْهِ، لَا لِلْبَعْضِ الَّذِي لَا غِنَى عَنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ الْمُكْتَسِبُ) صِفَةٌ لِلْعِلْمِ. (قَوْلُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأَقْوَالَ وَالنِّيَّاتِ وَالِاعْتِقَادَ. (قَوْلُهُ: النَّاظِمِ ذَلِكَ) أَيْ لَفْظَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فِي الْجَمْعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: قَضِيَّةُ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بَيْنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ أَعْنِي لَفْظَ: كُتُبِ تَسْلِيطُ السَّلْبِ عَلَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِ فَلَوْ قَدَّرَ لَفْظَ: مُخْتَصَرَاتٍ اتَّجَهَ السَّلْبُ الْجَمِيعِيُّ فَتَأَمَّلْ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مُطْلَقَ الْجَمْعِ؛ إذْ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ ذَلِكَ مَدْحٌ وَلَا بِالْفَتَاوَى مُجَرَّدُ ذَاتِ الْمَسَائِلِ مُطْلَقًا؛ لِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْجَمْعِ: إمَّا كَثْرَةُ الْجَمْعِ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ كَالْوَضْعِ وَالتَّرْتِيبِ الْخَاصَّيْنِ، وَجَمْعِ النَّظَائِرِ فِي مَحِلٍّ، وَبِالْفَتَاوَى: مُهِمُّ الْمَسَائِلِ وَغَرَائِبُهَا مُحَقَّقَةً مُلَخَّصَةً (قَوْلُهُ وَالْإِيجَازِ) الْإِيجَازُ وَالِاخْتِصَارُ مُتَرَادِفَانِ لُغَةً كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَكَذَا اصْطِلَاحًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاصِلَ مَا قُلْته فِي عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ ظَنُّ الْمُجْتَهِدِ فَلِقُوَّتِهِ سُمِّيَ عِلْمًا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالظَّنِّ التَّهَيُّؤُ لَهُ لَا الظَّنُّ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ: الْعِلْمُ إلَخْ) أَيْ: التَّصْدِيقِ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ " الْمُكْتَسَبُ " بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّ الْكَسْبَ لَا يَدْخُلُ التَّصَوُّرَ وَالْمُرَادُ بِالْأَحْكَامِ النِّسَبُ التَّامَّةُ وَبِالشَّرْعِيَّةِ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الشَّرْعِ وَالْعَمَلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ وَتِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ هِيَ الْوُجُوبُ وَالْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبَةٌ فَالْعَمَلُ هُوَ النِّيَّةُ وَكَيْفِيَّتُهُ وُجُوبُهُ وَمَعْنَى تَعَلُّقِ النِّسْبَةِ بِكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ وَالْعَمَلَ ظَرْفَانِ لَهَا وَخَرَجَ بِهِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْعِلْمِيَّةِ أَيْ: الِاعْتِقَادِيَّةِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِيَّةِ الْمُعْتَقَدَاتُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُنَا لَيْسَ ظَرْفًا لِلنِّسْبَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: الْمُكْتَسَبُ) خَرَجَ غَيْرُهُ كَعِلْمِ اللَّهِ وَجِبْرِيلَ وَبِالتَّفْصِيلِيَّةِ الْعِلْمُ الْمُكْتَسَبُ لِلْخِلَافِيِّ مِنْ الْمُقْتَضِي وَالنَّافِي كَعِلْمِهِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي عِنْدَ إمَامِهِ أَوْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَتْرِ لِوُجُودِ النَّافِي وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ عِلْمًا كَلَامٌ فِي الْأُصُولِ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهَا مَوْضُوعٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَمُعْتَبَرَةٌ مَعَهَا فَالْحَيْثِيَّةُ قَيْدُ الْمَوْضُوعِ وَتَتِمَّةٌ لَهُ وَالْبَحْثُ فِيهِ عَنْ فِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِفِعْلِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَدُونَ) قُلْت مَعْنَى دُونَ فِي الْأَصْلِ أَدْنَى مَكَان مِنْ الشَّيْءِ لَكِنْ مَعَ انْحِطَاطٍ يَسِيرٍ فَإِنَّ دُونَ نَقِيضُ فَوْقَ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ فَهُوَ ظَرْفُ مَكَان مِثْلُ عِنْدَ إلَّا أَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ دُنُوٍّ أَكْثَرَ وَانْحِطَاطٍ قَلِيلٍ يُقَالُ: هَذَا دُونَ ذَاكَ إذَا كَانَ أَحَطَّ مِنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْأَحْوَالِ وَالرُّتَبِ تَشْبِيهًا بِالْمَرَاتِبِ الْحِسِّيَّةِ وَشَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ تَجَاوُزِ حَدٍّ وَهُوَ هُنَا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ أَنْظِمُ أَوْ مَا أَيْ: حَالَ كَوْنِي مُنَبِّهًا بِ قُلْت فِي الْيَسِيرِ وَمُتَجَاوِزًا عَنْ ذَلِكَ التَّنْبِيهِ فِي الْكَثِيرِ قَالَ الرَّضِيُّ: فِي بَحْثِ الْمَفْعُولِ فِيهِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى قَرِيبٌ مِنْ غَيْرِهِ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: وَغَيْرَ مُنَبِّهٍ إلَخْ وَكُلُّ مَا قُلْته نَصَّ عَلَيْهِ السَّعْدُ فِي الْمُطَوَّلِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: تَخْصِيصُ أَمْرٍ بِصِفَةٍ دُونَ صِفَةٍ أُخْرَى. وَقَرَّرَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ سم وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دُونَ لَا تَخْرُجُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ لَكِنْ مَنَعَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ.

اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست