responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 39
الْخَمْرُ فَتَغْلِيظًا وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90] خَرَجَتْ الثَّلَاثَةُ الْمَقْرُونَةُ مَعَهَا بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَتْ هِيَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَلَا مِنْ الْأَمْرِ بِالِاجْتِنَابِ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ جَارِيَةٌ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالرِّجْسُ فِيهِ هُوَ النَّجَسُ
وَأَمَّا النَّبِيذُ فَقِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ بِجَامِعِ الْإِسْكَارِ بِمَائِعٍ وَخَرَجَ بِالْمُسْكِرِ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشَةُ فَإِنَّهُمَا مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ كَذَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي لَكِنْ قَيَّدَ الْمِنْهَاجُ الْمُسْكِرَ بِالْمَائِعِ قَالَ فِي دَقَائِقِهِ: لِيُخْرِجَ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَيْسَ بِنَجَسٍ وَصَرَّحَ فِي مَجْمُوعِهِ أَيْضًا بِأَنَّهُمَا مُسْكِرَانِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ النَّشَائِيُّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْمُسْكِرَ شَامِلٌ لِلْمَائِعِ وَالْجَامِدِ: وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ بِالْمَائِعِ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ وَهُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَالْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ خَرَجَ بِقَوْلِهِمْ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ مُخَدِّرٌ لَا مُسْكِرٌ عُرْفًا قَالَ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْخَمْرَةُ الْمُنْعَقِدَةُ فَإِنَّهَا جَامِدَةٌ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَيْضًا الْحَشِيشَةَ الْمُذَابَةَ، وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَمْرَةَ الْمُنْعَقِدَةَ مَائِعَةٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْحَشِيشَةِ الْمُذَابَةِ (وَالْكَلْبُ) وَلَوْ مُعَلَّمًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْمَاءَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْ إضَاعَتِهِ وَأَنَّ الطَّهَارَةَ إمَّا عَنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ فَتَعَيَّنَتْ طَهَارَةُ النَّجَسِ فَثَبَتَ نَجَاسَةُ فَمِهِ وَهُوَ أَطْيَبُ أَجْزَائِهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ فَبَقِيَّتُهَا أَوْلَى وَإِرَاقَةُ مَا وَلَغَ فِيهِ وَاجِبَةٌ إنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ إلَّا الْخَمْرَ غَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ فَيَجِبُ إرَاقَتُهَا لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا.
(وَالْخِنْزِيرُ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَنَى بِحَالٍ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ وَمَنْصُوصٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فِيهِ عَنْ الْحَيَّةِ وَسَائِرِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَنْدُوبًا إلَى قَتْلِهَا لَكِنْ لِضَرَرِهَا وَاسْتَدَلَّ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] قَالَ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَحْمِهِ جُمْلَتُهُ مَجَازًا لِدُخُولِ لَحْمِهِ فِي الْمَيْتَةِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْبَيَانِ كَشَجَرِ أَرَاكٍ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ فِيهِ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي آيَةِ الْخَمْرِ وَيُجَابُ بِمَا مَرَّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إلَخْ) إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الْجَوَابُ إنْ سَلِمَ أَنَّ الرِّجْسَ لَا يُطْلَقُ شَرْعًا حَقِيقَةً إلَّا عَلَى النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: جَارِيَةٌ عَلَى إلَخْ) لَكِنْ يُضَعِّفُ الْجَرَيَانَ عَلَيْهِ هَاهُنَا قَرِينَتُهَا بِمَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ لَا سِيَّمَا وَهُوَ أَكْثَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ بِالْمَائِعِ) لَعَلَّ النَّوَوِيَّ يَمْنَعُ اشْتِرَاطَ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ فِي الْإِسْكَارِ. (قَوْلُهُ: الْمُذَابَةَ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَجَسٍ) وَالتَّعَبُّدُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَزَادَ غَيْرُهُ أَوْ تَكْرُمَةٍ أَيْ: وَلَا تَكْرُمَةً لِلْإِنَاءِ. (قَوْلُهُ: لِطَلَبِ النَّفْسِ تَنَاوُلَهَا) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمُحْتَرَمَةِ فَيُزَادُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِبَقَائِهَا. (قَوْلُهُ: لَا يُقْتَنَى بِحَالٍ) أَيْ: مَعَ قَبُولِهِ الِاقْتِنَاءَ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ بِالْحَشَرَاتِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ قَصَدَ الْأَقَلَّ وَلَوْ تَغَيَّرَ الْقَصْدُ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ سَوَاءٌ قَبْلَ التَّخَمُّرِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَنْصَابُ) جَمْعُ نُصُبٍ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ مَا نُصِبَ لِيُعْبَدَ وَالْأَزْلَامُ جَمْعُ زَلَمٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ سِهَامٌ كَانُوا يَتَقَسَّمُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَتْ الثَّلَاثَةُ) أَيْ: مِنْ الرِّجْسِ بِمَعْنَى النَّجَسِ إلَى الرِّجْسِ بِمَعْنَى مَا التَّبَاعُدُ عَنْهُ كَالتَّبَاعُدِ مِنْ الرِّجْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ) يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ دَلَالَةً خَفِيَّةً بِأَنْ يُرَادَ بِالرِّجْسِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ لِعَدَمِ الصَّارِفِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَعْنَاهُ الْمَجَازِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْبَنْجُ) وَالْحَشِيشَةُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ تَكْدِيرٌ وَتَغْطِيَةٌ لِلْعَقْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمِنْهُ الدُّخَانُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَجَارِيَ الْبَدَنِ وَيُهَيِّئُهَا لِقَبُولِ الْمَوَادِّ الْمُضِرَّةِ وَلِذَلِكَ يَنْشَأُ عَنْهُ التَّرَهُّلُ وَالتَّنَافِيسُ وَنَحْوُهَا وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْعَمَى كَمَا هُوَ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ وَقَدْ أَخْبَرَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَوَرَانُ الرَّأْسِ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ الْمَكْمُورِ الَّذِي حَرَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْلَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إمَّا عَنْ حَدَثٍ) أَيْ: أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ كَالْمَوْتِ فَلَا تَرِدُ طَهَارَةُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَالْخِنْزِيرُ) وَزْنُهُ فِعْلِيلٌ لِأَصَالَةِ نُونِهِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَخْ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَقُورًا وَإِلَّا وَجَبَ قَتْلُهُ عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي النَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ) أَيْ: غَيْرُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: لَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ وَلَيْسَ لَنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ) وَهُوَ أَنَّ الرِّجْسَ لُغَةً الْقَذَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ أَنَّ الرِّجْسَ فِي الشَّرْعِ النَّجَسُ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ رَاجِعٌ لَهُمَا خِلَافًا لِلْعِرَاقِيِّ حَيْثُ أَرْجَعَهُ إلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ قَدَّمْنَا فِي شَعْرِ مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ خِلَافَ الصَّحِيحِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَهَذَا فِيمَا سِوَى الْكَلْبِ

اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست