responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 3
مَوْضِعٍ فِيهِ عَلَى مِقْدَارِ حَجْمِهِ أُلِّفَ طَلَبَ مِنِّي بَعْضُ الْأَعِزَّةِ عَلَيَّ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْمُتَرَدِّدِينَ إلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَلَيْهَا شَرْحًا يَحِلُّ أَلْفَاظَهَا وَيُبْرِزُ دَقَائِقَهَا وَيُحَقِّقُ مَسَائِلَهَا وَيُحَرِّرُ دَلَائِلَهَا فَأَجَبْته إلَى ذَلِكَ بِعَوْنِ الْقَادِرِ الْمَالِكِ ضَامًّا إلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَجَادَاتِ وَالْقَوَاعِدِ الْمُحَرَّرَاتِ مَا تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُ أُولِي الرَّغَبَاتِ رَاجِيًا بِذَلِكَ جَزِيلَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ وَمُؤَمِّلًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَصِيرَ هَذَا الْكِتَابُ عُمْدَةً وَمَرْجِعًا بِبَرَكَةِ الْأَكْرَمِ الْوَهَّابِ وَسَمَّيْته الْغُرُرَ الْبَهِيَّةَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْوَرْدِيَّةِ وَاَللَّهُ أَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَهُ نَافِعًا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَوَسِيلَةً لِلْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ قَالَ النَّاظِمُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ: أَبْتَدِئُ أَوْ أُؤَلِّفُ إذْ كُلُّ فَاعِلٍ يَبْدَأُ فِي فِعْلِهِ بِبِسْمِ اللَّهِ. يُضْمِرُ مَا جَعَلَ التَّسْمِيَةَ مَبْدَأً لَهُ كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا حَلَّ أَوْ ارْتَحَلَ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ كَانَ الْمَعْنَى بِسْمِ اللَّهِ أُحِلُّ وَبِسْمِ اللَّهِ أَرْتَحِلُ وَالِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ وَقِيلَ: مِنْ الْوَسْمِ وَهُوَ الْعَلَامَةُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا سُمِّيَ فَقَدْ نُوِّهَ بِاسْمِهِ وَوُسِمَ. وَاَللَّهُ عَلَمٌ لِلذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ، وَأَصْلُهُ الْإِلَهُ حُذِفَتْ هَمْزَتُهُ وَعُوِّضَ مِنْهَا حَرْفُ التَّعْرِيفِ ثُمَّ جُعِلَ عَلَمًا وَهُوَ عَرَبِيٌّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَزَعَمَ الْبَلْخِيّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ فَقِيلَ: عِبْرِيٌّ وَقِيلَ: سُرْيَانِيٌّ، وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اسْمَانِ بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ مِنْ رَحِمَ وَالرَّحْمَةُ لُغَةً رِقَّةٌ فِي الْقَلْبِ تَقْتَضِي التَّفَضُّلَ فَالتَّفَضُّلُ غَايَتُهَا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَأْخُوذَةُ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّمَا تُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ الْغَايَةِ دُونَ الْمَبْدَأِ، وَالرَّحْمَنُ أَبْلَغُ مِنْ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ وَقَطَّعَ وَنَقَضَ بِحَذَرٍ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ حَاذِرٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَبِأَنَّهُ لَا يُنَافِي أَنْ يَقَعَ فِي الْأَنْقَصِ زِيَادَةُ مَعْنًى بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْإِلْحَاقِ بِالْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ مِثْلَ شَرِهٍ وَنَهِمٍ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُتَلَاقِيَانِ فِي الِاشْتِقَاقِ مُتَّحِدَيْ النَّوْعِ فِي الْمَعْنَى كَغَرْثٍ وَغَرْثَانَ وَصَدٍ وَصَدْيَانَ لَا كَحَذِرٍ وَحَاذِرٍ لِلِاخْتِلَافِ (قَالَ الْفَقِيرُ عُمَرُ بْنُ الْوَرْدِيّ الْحَمْدُ لِلَّهِ) بَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ وَبِالْحَمْدَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَعَمَلًا بِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» وَفِي رِوَايَةٍ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ وَجَمَعَ النَّاظِمُ كَغَيْرِهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ عَمَلًا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْإِجْمَاعِ وَعَبَّرَ بِقَالَ دُونَ يَقُولُ تَفَاؤُلًا أَوْ إظْهَارًا لِقُوَّةِ رَجَائِهِ كَمَا يَقُولُ مَنْ قَوِيَ رَجَاؤُهُ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ: انْقَضَتْ حَاجَتِي. وَجُمْلَةُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: إذْ كُلُّ فَاعِلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ: يُضْمِرُ مَا جَعَلَ) أَيْ: لَفْظَ مَا جَعَلَ قُلْت: وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ شَيْءٌ وَيُرَادَ أَنَّهُ يُضْمِرُ نَفْسَ مَا جَعَلَ أَيْ: يَقْصِدُهُ وَيُلَاحِظُهُ فَنَاسَبَ تَقْدِيرُ لَفْظِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشَّرِيفَ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَا سُمِّيَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نُوِّهَ بِاسْمِهِ) لَعَلَّ نَائِبَ فَاعِلِ نُوِّهَ ضَمِيرُ مَا سُمِّيَ وَمَعْنَاهُ رَفَعَ أَيْ: فَقَدْ رَفَعَ بِاسْمِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَإِظْهَارِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: نُوِّهَ بِاسْمِهِ) وَوَسَمَ أَيْ: بِهِ عِبَارَةَ الْبَيْضَاوِيِّ؛ لِأَنَّهُ رِفْعَةٌ لِلْمُسَمَّى وَشِعَارٌ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَمٌ لِلذَّاتِ) أَيْ: لِمَا انْحَصَرَ فِيهِ هَذَا الْمَفْهُومُ فِي الْخَارِجِ لَا لِهَذَا الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: وَعُوِّضَ مِنْهَا) وَتَعْوِيضُهُ مِنْهَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْحَذْفِ وَالتَّعْوِيضِ. (قَوْلُهُ: بُنِيَا لِلْمُبَالَغَةِ) فَإِنْ قُلْت: يَرِدُ أَنَّ ح عَلَى حَصْرِ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّيَغِ الْخَمْسِ الْمَشْهُورَةِ قُلْت: لَا أَمَّا. الرَّحِيمُ فَدَاخِلٌ فِيهَا وَأَمَّا الرَّحْمَنُ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ بِوَضْعِهِ وَمَادَّتِهِ بِخِلَافِ الْحَصْرِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ فَإِنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ بِصِيغَتِهَا وَصُورَتِهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ أَنَّهُمْ قَصَدُوا الْحَصْرَ. (قَوْلُهُ: مِنْ رَحِمَ) أَيْ: بَعْدَ جَعْلِهِ لَازِمًا أَوْ تَحْوِيلِهِ إلَى فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُؤْخَذُ) فَيَكُونَانِ بِمَعْنَى الْمُتَفَضِّلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى مُرِيدِ التَّفَضُّلِ. (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ) فَإِنَّ الْأَوَّلَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ وَالثَّانِيَ اسْمُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ: ذِي بَالٍ) أَيْ: شَأْنٍ أَيْ: عَظِيمٍ لَا حَقِيرٍ. (قَوْلُهُ: ذِي بَالٍ) أَيْ: قَلْبٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِالْقَلْبِ لِعَظَمَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ دَفْعُ التَّعَارُضِ بِحَمْلِ الِابْتِدَاءِ فِي خَبَرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ وَفِي خَبَرِ الْحَمْدَلَةِ عَلَى الْإِضَافِيِّ. فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَارُضَ كَمَا يَنْدَفِعُ بِهَذَا يَنْدَفِعُ بِعَكْسِهِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إيثَارِ هَذَا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَعَمَلُ السَّلَفِ وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعِ) أَيْ: الْفِعْلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِظْهَارًا لِقُوَّةِ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ أَوْ إظْهَارًا فَهِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ وَتَرْكُ احْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْمَقُولِ فِي الْوُجُودِ فَيَكُونُ قَالَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِبُعْدِهِ سم.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (قَوْلُهُ: الرَّحْمَنِ) مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ إنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُؤَنَّثُهُ فَعْلَانَةً وَمَصْرُوفٌ إنْ كَانَ الشَّرْطُ وُجُودَ مُؤَنَّثِهِ عَلَى فَعْلَى إذْ لَا مُؤَنَّثَ لَهُ، اُنْظُرْ حَاشِيَةَ عَمِيرَةَ عَلَى الْمُحَلَّى اهـ (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُؤْخَذُ إلَخْ) فَيَكْفِي فِي وُجُودِ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فِي الْمُشْتَقِّ وُجُودُ مَا تَسَبَّبَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَبْلَغُ) مِنْ بَلَغَ بُلُوغًا مِنْ حَدِّ كَرُمَ لَا مِنْ الْبَلَاغَةِ إذْ لَا يُوصَفُ بِهَا الْمُفْرَدُ وَلَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْقِيَاسِ

اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست