responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 84
فَأَوْلَى أَنْ يَلْزَمَهُ فِي حَالِ الْإِجْبَارِ ضَمَانُ النفقة فما إِذَا قَهَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَيْلًا وَأَرْسَلَهُ نَهَارًا فقد تعدى كتعديه ولو قَهَرَهُ نَهَارًا غَيْرَ أَنَّهُ يَضْمَنُ زَمَانَ نَهَارِهِ وَلَا يَضْمَنُ زَمَانَ لَيْلِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ زَمَانَ لَيْلِهِ مُسْتَحَقُّ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فَلَمْ يُضْمَنْ، وَزَمَانُ نَهَارِهِ مُسْتَحَقٌّ لِلْكَسْبِ الذي يقابله عوض ضمن.

فَصْلٌ
فَإِنِ الْتَزَمَ السَّيِّدُ لَهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي مِصْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا التزم له المهر والنفقة سقط عنه ما لزمه بِالزَّوْجِيَّةِ فَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي الْحَضَرِ وَالسِّفْرِ فَكَذَلِكَ الْآنَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَنْزِلَةَ السَّيِّدِ مَعَ عَبْدِهِ كَمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي نَفْسِهِ فَكُلُّ مَا جَازَ لِلْحُرِّ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ مِنْ تَصَرُّفٍ فِي الْحَضَرِ وَتَقَلُّبٍ فِي السَّفَرِ جَازَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ عَبْدِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِلسَّيِّدِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي مِصْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ نَهَارًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ لَيْلًا، لِأَنَّ زمان الاستخدام هو النهار فيعلق حَقُّ السَّيِّدِ بِهِ دُونَ اللَّيْلِ وَزَمَانُ الِاسْتِمْتَاعِ هو الليل فيعلق حق العبد به دون النهار.
والحال الثالثة: أَنْ يُسَافِرَ بِهِ، فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَيَقْطَعَهُ عَنْ زَوْجَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا.
فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ اللَّيْلُ فِي الْحَضَرِ مُسْتَثْنَى مَنْ حَقِّ السَّيِّدِ فَهَلَّا كَانَ فِي السَّفَرِ كَذَلِكَ، قِيلَ: لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي الْحَضَرِ قَدْ يَصِلُ إِلَى حقه من استخدام النهار وإذا أَرْسَلَهُ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يَصِلُ فِي السَّفَرِ إِلَى حَقِّهِ مِنَ اسْتِخْدَامِ النَّهَارِ إِذَا أَرْسَلَهُ ليلاً للاستمتاع فكذلك صار زمان الليل مستثنى في حال السيد في الحضر وغير مستثنى من السَّفَرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُسَافِرَةً مَعَ الْعَبْدِ فَيَسْتَوِي حُكْمُ الْحَضَرِ وَالسِّفْرِ فِي اسْتِثْنَاءِ الليل منها، فأما إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مِمَّنْ عَمَلُهُ وَاسْتِخْدَامُهُ فِي الليل دون النهار كالبزارين والرياحين وَالْحَدَّادِينَ، صَارَ اللَّيْلُ زَمَانَ اسْتِخْدَامِهِ لِعَبْدِهِ، وَالنَّهَارُ زَمَانَ إِرْسَالِهِ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ وَلَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَافِرَ بِعَبْدِهِ عِنْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ قَصْدًا لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَبِزَوْجَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي مِصْرِهِ، فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: " وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِعَبْدِهِ " فَقَدْ ذكرنا جوازه وقوله: " وَيَمْنَعَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ وَفِي مِصْرِهِ " فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ إذا كانت امرأته فيه، وإن كَانَتْ خَارِجَةً مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا.
وَالثَّانِي: - وَهُوَ أَشْبَهُ التَّأْوِيلَيْنِ عِنْدِي - أَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ نهاراً، لأن زَمَانُ الِاسْتِخْدَامِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْخُرُوجِ لَيْلًا فِي زَمَانِ الِاسْتِمْتَاعِ أَلَّا تَرَى الشَّافِعِيَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: " إِلَّا فِي الْحِينِ الَّذِي لَا خِدْمَةَ لَهُ فِيهِ " يَعْنِي اللَّيْلَ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست