responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 80
وَذَهَبَ إِلَى هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَيْضًا، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْأَبِ إِذَا دَفَعَ الصَّدَاقَ عَنِ ابْنِهِ وَبَيْنَ السَّيِّدِ إِذَا دَفَعَهُ عَنْ عبده، بأن الابن يملك فكان دفع الأب تمليك له ثم قضاء لِلصَّدَاقِ عَنْهُ فَإِذَا طَلَّقَ الِابْنُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَادَ نِصْفُ الصَّدَاقِ إِلَيْهِ لِسَابِقِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْعَبْدِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فَلَمْ يَكُنْ دَفْعُ الصَّدَاقِ عَنْهُ تَمْلِيكًا لَهُ فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَمْلِكْ مَا لَمْ يُجْبَرْ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَسَوَاءً دَفَعَ السَّيِّدُ الصَّدَاقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ دَفَعَهُ الْعَبْدُ مِنْ كَسْبِهِ، لِأَنَّ كَسْبَهُ مَالٌ لِسَيِّدِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَأَوْلَاهُمَا.

مسألة
قال الشافعي: " فَإِنْ بَاعَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ بعينها فالبيع باطلٌ من قبل أن عُقْدَةَ الْبَيْعِ وَالْفَسْخِ وَقَعَا مَعًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا ضَمِنَ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ وَهُوَ أَلْفٌ ثُمَّ إِنَّهَا ابْتَاعَتْ زَوْجَهَا مِنْ سَيِّدِهِ بِأَلْفٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَبْتَاعَهُ بألفٍ فِي ذِمَّتِهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ تَبْتَاعَهُ بِالْأَلْفِ الَّتِي هِيَ صَدَاقُهَا فإن ابتاعته بألف فِي ذِمَّتِهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ بَعْدُ، وإن ابتاعه بِالْأَلْفِ الَّتِي هِيَ صَدَاقُهَا كَأَنَّهَا قَالَتْ لِلسَّيِّدِ بِعْنِي زَوْجِي بِالْأَلْفِ الَّتِي ضَمِنْتَهَا مِنْ صَدَاقِي، فللجواب عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَدِّمَتَانِ نَذْكُرُهُمَا، ثُمَّ نَبْنِي الْجَوَابَ عَلَيْهِمَا.
إِحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا مَلَكَتْ زَوْجَهَا بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَ، لِأَنَّ أَحْكَامَ النِّكَاحِ وَمِلْكَ الْيَمِينِ مُتَضَادَّةٌ، لِأَنَّهُ كَانَ مالكاً لبعضها فصارت مالكة لرقبته، وصار مُسْتَحِقَّ الْحَجْرِ عَلَيْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَصَارَتْ تَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ وَكَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ فَصَارَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا وَإِذَا تَضَادَّتْ أَحْكَامُهَا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ ثبت أقواهما وانتفى أضعفها، وَمِلْكُ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يُخْتَصُّ بِمِلْكِ الْبُضْعِ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ يَسْتَوْعِبُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ كُلِّهَا فَلِذَلِكَ ثَبَتَ مِلْكُ الْيَمِينِ وَبَطَلَ عَقْدُ النِّكَاحِ.
وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ إِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ أَسْقَطَ جَمِيعَ صَدَاقِهَا كَمَا لَوِ ارْتَدَّتْ وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ لَمْ يسقط الصداق إلا نصفه كما لو ارتد، وَهُوَ هَاهُنَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّهُ وَقَعَ بابتياعها له.
فإن قيل الفسخ هَاهُنَا إِنَّمَا وَقَعَ بِالِابْتِيَاعِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمَا وَالْفَسْخُ إِذَا وَقَعَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ غَلَبَ فِيهِ حُكْمُ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ كَالْخُلْعِ.
قِيلَ: قَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا، فَأَخْطَأَ فيه، مَذْهَبًا، وَحِجَاجًا.
أَمَّا الْمَذْهَبُ فَهُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ نَصَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى خِلَافِهِ، وَجَعَلَ الْفَسْخَ مُضَافًا إِلَى الزَّوْجَةِ فِي إِسْقَاطِ جَمِيعِ صَدَاقِهَا.
وَأَمَّا الْحِجَاجُ فَهُوَ الْفَرْقُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الِابْتِيَاعِ وَالْخَلْعِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست