responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 604
وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ كَذَبْتَ بِمَعْنَى أَخْطَأَتْ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الْخَطَأِ بِالْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ بِخِلَافِ الْحَقِّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
(كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلَامِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالَا)

يَعْنِي أَخْطَأَتْكَ عَيْنُكَ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلِ الطَّلَاقَ إِلَّا إِلَى الْأَزْوَاجِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَهُ غَيْرُهُمْ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْلِكُ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا عَنْ رِضَاهُمَا فَلِأَنْ لَا يَمْلِكَهُ الْحَكَمَانِ مِنْ قِبَلِهِ أَوْلَى.

فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ كَانَ الْحَكَمَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَاكِمَيْنِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَكِيلَيْنِ، وَلَا بُدَّ من اعتبار شروط في صحته تَحْكِيمِهِمَا وَهِيَ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ.
قِسْمٌ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا.
وَقِسْمٌ يُسْتَحَبُّ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا.
وَقِسْمٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْقَوْلِ فِيهِمَا فَأَمَّا مَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا مِنَ الشُّرُوطِ فَثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ، فَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً لَمْ يَجُزْ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ فَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَبْدًا لَمْ يَجُزْ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ فَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَجُزْ.
وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا إِنْ كَانَا حَاكِمَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ فَقَدِ اقْتَرَنَ بِوَكَالَتِهِمَا وِلَايَةُ اخْتِيَارِ الْحَاكِمِ لَهُمَا، وَلَا يَصِحُّ فِيمَنْ رُدَّ الْحُكْمُ إِلَيْهِ نَظَرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ النَّظَرَ فِي مَالِ يَتِيمٍ إِلَى عَبْدٍ أَوْ فَاسْقٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا.
وَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ اعْتِبَارُهُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاْبْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ بِطَلَبِ الْحَظِّ مِنَ الْأَجَانِبِ؛

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 604
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست