responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 58
ومن الفقهاء: أبو حنيفة، والثوري، وأحمد بن حنبل ومالك وَأَبُو ثَوْرٍ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الْإِشْهَادَ به وترك التراخي بِكَتْمِهِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء) {النساء: 3) فكان على عمومه وكما رَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ سِنَانٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ألا أنكحك آمنة بنت ربيعة بن الحارث قال: بلى، قد أنكحتها ولم يشهد، ولما رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا زَوَّجَ بِنْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ من عمر ولم يشهد.
قالوا: وَلِأَنَّ الْعُقُودَ نَوْعَانِ: عَقْدٌ عَلَى عَيْنٍ كَالْبَيْعِ، وَعَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ كَالْإِجَارَةِ وَلَيْسَتِ الشَّهَادَةُ شَرْطًا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَكَانَ النِّكَاحُ مُلْحَقًا بِأَحَدِهِمَا.
وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ خُصُوصًا فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ "، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ نِكَاحِ السِّرِّ.
وَدَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ " وروى ابن مسعود عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ".
وروى هشام بن عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَرْبَعَةٍ: زَوْجٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ "، وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَمَّا خَالَفَ سَائِرَ الْعُقُودِ فِي تَجَاوُزِهِ عَنِ الْمُتَعَاقِدِينَ إِلَى ثَالِثٍ هُوَ الْوَلَدُ الَّذِي يَلْزَمُ حفظ نسبه خالفها فِي وُجُوبِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ حِفْظًا لِنَسَبِ الْوَلَدِ الغائب لئلا يبطل نسبه فيجاهد الزَّوْجَيْنِ، وَفِي هَذَا انْفِصَالٌ عَمَّا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ فِي إِلْحَاقِهِ إِمَّا بِعُقُودِ الْأَعْيَانِ، أَوْ بعقود المنافع.
فأما الجواب عن الأول: فهو أن المقصود بها من يستباح من المنكوحات ولم يرد فِي صِفَاتِ النِّكَاحِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَزْوِيجِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آمنة بنت ربيعة ولم يشهد وتزوج عَلِيٍّ بِنْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ولم يشهد فهذا جَوَابٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ حَضَرَ الْعَقْدَ شُهُودٌ لَمْ يَقُلْ لَهُمُ اشْهَدُوا إِذْ يَبْعُدُ أَنْ يَخْلُوَ مَجْلِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَالِ بُرُوزِهِ مِنْ حُضُورِ نَفْسَيْنِ فَصَاعِدًا وَكَذَلِكَ حَالُ عُمَرَ مَعَ عَلَيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَا يَخْلُو أَنْ يَحْضُرَهُ نَفْسَانِ، وَإِذَا حَضَرَ الْعَقْدَ شَاهِدَانِ بِقَصْدٍ أَوِ اتِّفَاقٍ صَحَّ الْعَقْدُ بِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُقَلْ لَهُمَا اشْهَدَا فَلَمْ يَكُنْ فِي الْخَبَرِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: وَلَمْ يُشْهِدْ، أَيْ لَمْ يَقُلْ لِمَنْ حَضَرَ اشهدوا وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَدَّ نِكَاحًا حَضَرَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فقال هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ، وَلَوْ تَقَدَّمْتُ في لَرَجَمْتُ وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست