responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 566
إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِعْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَنِ النَّثْرِ فَقَالَ: هِبَةٌ مُبَارَكَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، هُوَ مُبَاحٌ لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ وَلَا مَكْرُوهٍ وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ، وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ لِأُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ بَيْنَ النَّاسِ تَنَاهُبًا وَتَنَافُرًا وَمَا أَدَّى إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ لَا يَتَسَاوَى النَّاسُ فِيهِ وَرُبَّمَا حَازَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَهُ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى آخَرِينَ شَيْءٌ مِنْهُ فَتَنَافَسُوا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ يَلْجَأُ النَّاسُ فيه إلى إسقاط المروآت إن أخذوا أو يتسلط عليهم السفاء إذا أَمْسَكُوا، وَقَدْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ، وَمَنْ عَاصَرَ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحفظ للمروآت وَأَبْعَدَ لِلتَّنَازُعِ وَالتَّنَافُسِ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ النِّثَارُ بَعْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُكْرَهْ فِي زَمَانِهِمْ وَعَادَةُ أَهْلِ المروآت فِي وَقْتِنَا أَنْ يَقْتَسِمُوا ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ أَرَادُوا أَوْ يَحْمِلُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَيَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ النَّثْرِ إِلَى الْهَدَايَا.

فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فِي النَّثْرِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَقَدْ مَلَكَهُ وَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَكْلِهِ أَوْ حَمْلِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ أَوْ بَيْعِهِ بِخِلَافِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ إِلَّا أَكْلَهُ فِي مَوْضِعِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِي الْحَالَيْنِ، وَالْقَصْدِ الْمُفَرِّقِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَأَمَّا مَا وَقَعَ مِنَ النَّثْرِ فِي حِجْرِ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ بِيَدِهِ لَكِنَّهُ يَكُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ الْآخِذُ، وَإِنْ أَسَاءَ كَمَا يَقُولُ فِي الصَّيْدِ، إِذَا دَخَلَ دَارَ رَجُلٍ كَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ آخِذُهُ، فَأَمَّا زَوَالُ مُلْكِ رَبِّهِ عنه ففيه وجهان:
أحدهما: أن يَكُونُ نَثْرَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لِجَمَاعَتِهِمْ، وَلَا يَتَعَيَّنُ مِلْكُهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْأَخْذِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَلْتَقِطَهُ النَّاسُ فَيَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا الْتَقَطَهُ فَيَزُولُ عَنْهُ مِلْكُ صَاحِبِهِ.
فَصْلٌ
فَأَمَّا الْتِقَاطُ النَّثْرِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَرَاهِيَتِهِ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِهِ فَلَهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُمُ الْتِقَاطٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَكْرُوهِ لَا يَلْزَمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَدْعُوًّا كَمَا لَا يُكْرَهُ أَكْلُ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ لِلْمَدْعُوِّ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَأْكُلَهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجِبُ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست