responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 565
مَنْفَعَةٍ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: إِنْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً لِلزِّينَةِ حَرُمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً لِلْمَنْفَعَةِ لِتَسْتُرَ بَابًا أَوْ تَقِيَ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ، وَلَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ بِهَا عَنِ الزِّينَةِ إِلَى الْمَنْفَعَةِ يُخْرِجُهَا عَنْ حُكْمِ الصِّيَانَةِ إِلَى الْبِذْلَةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُصَانًا عَظِيمًا فَحَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَسَقَطَ بِهَا فَرْضُ الْإِجَابَةِ إِلَى الْوَلِيمَةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ السُّتُورُ بِغَيْرِ صُوَرِ ذَاتِ أَرْوَاحٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسْتَعْمَلَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، لِأَنَّهَا تَسْتُرُ بَابًا أَوْ تَقِي مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ زِينَةً لِلْجُدْرَانِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهَا وَلَا مَنْفَعَةٍ بِهَا فَهِيَ سَرَفٌ مَكْرُوهٌ. رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا فِيمَا رَزَقَنَا أن نكسوا الْجُدْرَانَ وَاللَّبِنَ " لَكِنْ لَا يَسْقُطُ بِهَذِهِ السُّتُورِ فَرْضُ الْإِجَابَةِ لِلْوَلِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَظْرَهَا لِلْمُسْرِفِ فِي الِاسْتِعْمَالِ لَا لِلْمَعْصِيَةِ فِي الْمُشَاهَدَةِ.

فَصْلٌ
وَلَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِ صُوَرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مِنْ صُوَرِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ مُسْتَحْسَنًا مِنْهَا أَوْ مُسْتَقْبَحًا أَوْ مَا كان عَظِيمًا أَوْ مُسْتَصْغَرًا، إِذَا كَانَتْ صُوَرَ حَيَوَانٍ مشاهد.
فأما صورة حَيَوَانٍ لَمْ يُشَاهَدْ مِثْلُهُ مِثْلُ صُورَةِ طَائِرٍ لَهُ وَجْهُ إِنْسَانٍ أَوْ صُورَةِ إِنْسَانٍ لَهُ جَنَاحُ طَيْرٍ فَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ بَلْ يَكُونُ أَشَدَّ تَحْرِيمًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْدَعَ فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فِيهِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهِ أَبَدًا ".
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالتَّزَاوِيقِ الْكَاذِبَةِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالصُّوَرِ الْحَيَوَانِيَّةِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَوِّرَ وَجْهَ إِنْسَانٍ بِلَا بَدَنٍ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ.

مَسْأَلَةٌ
قَالَ الشافعي: " فِي نَثْرِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالسُّكَرِ فِي الْعُرْسِ لَوْ تُرِكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بخلسةٍ ونهبةٍ وَلَا يَبِينُ أَنَّهُ حرامٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَغْلِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَأْخُذُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا نَثْرُ السُّكَّرِ وَاللَّوْزِ فِي الْعُرْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طِيبٍ أَوْ دَرَاهِمَ فَمُبَاحٌ إِجْمَاعًا اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ الْجَارِي فِيهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ زَوَّجَ عَلِيًّا بِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَثَرَ عَلَيْهِمَا لَكِنِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِحْبَابِهِ وكراهيته فمذهب أبو حنيفة

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 565
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست