responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 485
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا شَرَعَ الزَّوْجَانِ فِي فَرْضِ الْمَهْرِ، فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، فَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى قَدْرِهِ، حَتَّى يُطَلِّقَهَا، كَأَنَّهُ بَذَلَ لَهَا أَلْفًا، فَلَمْ تَرْضَ إِلَّا بِأَلْفَيْنِ، فَحُكْمُ التَّفْوِيضِ بَاقٍ وَبَذْلُ الْأَلْفِ مِنَ الزَّوْجِ كَعَدَمِهَا، وَلَهَا الْمُتْعَةُ إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتِمُّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا بِالرِّضَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا كَانَ هَذَا كَالصَّدَاقِ الْمُخْتَلَفِ فِي تَسْمِيَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَا يَلْزَمُ، وَيَجِبُ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ.
قُلْنَا: مَا اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ قَدْ زَالَ عَنْهُ حُكْمُ التَّفْوِيضِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهَذَا لَمْ يُزَلْ عَنْهُ حُكْمُ التَّفْوِيضِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ لَهَا الْمُتْعَةُ.
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ مَفْرُوضٌ إِلَّا مَا اجْتَمَعَا عَلَى فَرْضِهِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَلْفَ الَّذِي بَذَلَهُ الزَّوْجُ، لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ، حَتَّى طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ زِيَادَةً عَلَيْهَا، لأن هذا افتراق، وليس باجتماع.

مسألة
قال الشافعي: " وقد يدخل في التَّفْوِيضِ وَلَيْسَ بِالتَّفْوِيضِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مخالفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ لَهُ أَتَزَوَّجُكَ عَلَى أَنْ تَفْرِضَ لِي مَا شِئْتَ أَنْتَ أَوْ شِئْتُ أَنَا فَهَذَا كَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا بِالتَفْوِيضِ أَشْبَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّفْوِيضَ في النكاح ضربان: تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، وَتَفْوِيضُ الْمَهْرِ.
فَأَمَّا تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، فَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ لَهَا، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ.
وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْمَهْرِ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَرْكُ ذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِنَا فِيهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ لَا يَصِحُّ، إِمَّا لِجَهَالَتِهِ، وَإِمَّا لِتَحْرِيمِهِ. فَالْمَجْهُولُ كَقَوْلِهِ: قَدْ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى مَا شِئْنَا، أَوْ شَاءَ أَحَدُنَا، أَوْ شَاءَ فُلَانٌ.
وَالْحَرَامُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، فَيَكُونُ هَذَا تَفْوِيضًا لِلْمَهْرِ، لِبُطْلَانِهِ، وَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ لِلْبُضْعِ، لِذِكْرِهِ، فَيَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ كَانَ مُشَابِهًا لَهُ فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ، فَيَجِبُ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ نِصْفُهُ دُونَ الْمُتْعَةِ. وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ قَوْلًا وَاحِدًا، فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ مَهْرَ هَذِهِ وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَمَهْرَ الْمُفَوَّضَةِ وَجَبَ بِالْفَرْضِ بَعْدَ الْعَقْدِ.
والثاني: أنه موجب المهر الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِيمَا وَجَبَ لِلْمُفَوَّضَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَهْرُ الْمِثْلِ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 485
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست