responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 482
وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِدَامَةُ ثُبُوتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ ثُبُوتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ طَرْدًا، وَكَسَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ عَكْسًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَهْرُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي النِّكَاحِ كَالْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ بِتَرْكِ الْمَهْرِ، كَمَا بَطَلَ بترك الولي، والشاهدين، والله أعلم.

مسألة
قال الشافعي: " وَمَتَى طَلَبَتِ الْمَهْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَنْ يفوضه السَّلْطَانُ لَهَا أَوْ يَفْرِضَهُ هُوَ لَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قال المفوضة لبعضها لَا تَمْلِكُ الْمَهْرَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ، اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَلَكَ بُضْعَهَا بِالْعَقْدِ، فَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَ بَدَلَهُ مِنَ الْمَهْرِ بِالْعَقْدِ، كَالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا مُبْدَلًا لَمْ تَمْلِكْ فِي مُقَابَلَتِهِ بَدَلًا.
وَالثَّانِي: أَنَّ لِلْمُفَوَّضَةِ الْمُطَالَبَةَ بِالْمَهْرِ وَالِامْتِنَاعَ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا إِلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُطَالِبَ بِمَا لَمْ يَجِبْ، وَلَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ مَا وَجَبَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا لَمْ يَجِبْ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ، أَنَّ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ تَنَصَّفَ بِالطَّلَاقِ كَالْمُسَمَّى، وَمَا لَمْ ينتصف بِالطَّلَاقِ لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَكَالْمَهْرِ الْفَاسِدِ.
فَأَمَّا مِلْكُ الْبُضْعِ بِالْعَقْدِ، فلأنه مقصود لا يحوز الْإِخْلَالُ بِذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ فَلِذَلِكَ مُلِكَ بِالْعَقْدِ، وَالْمَهْرُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ فِي الْعَقْدِ فَلَمْ يُمْلَكْ بِالْعَقْدِ مَعَ تَرْكِ ذِكْرِهِ فِيهِ فَافْتَرَقَ حُكْمُ الْبُضْعِ وَالْمَهْرِ، وَأَوْجَبَ ذَلِكَ افْتِرَاضَ حُكْمِ الْمُسَمَّى وَالتَّفْوِيضِ.
وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةَ عِنْدَنَا بِالْمَهْرِ، وَإِنَّمَا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِأَنْ يَفْرِضَ لَهَا الْمَهْرَ فَتَكُونُ قَدْ مَلَكَتْ بِالتَّفْوِيضِ أَنْ تَمْلِكَ بِالْفَرْضِ مَهْرًا كَالشَّفِيعِ مَلَكَ بِالْبَيْعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ بِالشُّفْعَةِ.

فَصْلٌ
فَإِذَا ثبت ما وصفنا، فَفِي قَدْرِ مَا مَلَكَتْ أَنْ تَتَمَلَّكَ مِنَ الْمَهْرِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ، إِنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مُسْتَهْلَكٍ بِالْعَقْدِ، فَتُقُدِّرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، كَالْمُسْتَهْلَكِ بِالْوَطْءِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ، إِنَّهُ مَهْرٌ مُطْلَقٌ، لَا يُتَقَدَّرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَكَذَلِكَ مَا اسْتُحِقَّ بِالْفَرْضِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُفَوَّضَةُ تَمْلِكُ الْمَهْرَ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، ذَكَرْنَاهَا مُجْمَلَةً، وَنَحْنُ نَشْرَحُهَا:

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست