responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 473
تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} . وَمَعْنَاهُ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً، فَأَقَامَ " أَوْ " مَقَامَ " لَمْ " عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ مَجَازًا.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: فِي هَذَا الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَتَقْدِيرُهُ: فَرَضْتُمْ أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً.
وَالْفَرِيضَةُ: الْمَهْرُ الْمُسَمَّى، سُمِّيَ فَرِيضَةً، لِأَنَّ فَرَضَهُ لَهَا، بِمَعْنَى أَوْجَبَهُ لَهَا، كَمَا يُقَالُ: فَرَضَ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ إِذَا أَوْجَبَهَا، فَلَمَّا رَفَعَ عَنْهُ الْجُنَاحَ وَأَثْبَتَ فِيهِ الطَّلَاقَ دَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ النِّكَاحِ التَّوَاصُلُ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ، وَالْمَهْرُ تَبِعٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الَّذِي مَقْصُودُهُ مِلْكُ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، فَبَطَلَ النِّكَاحُ بِالْجَهْلِ بِالْمُتَنَاكِحَيْنِ، لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَلَمْ يَبْطُلْ بِالْجَهْلِ بِالْمَهْرِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِالْجَهْلِ بِالثَّمَنِ أَوِ الْمُثَمَّنِ، لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَلَا يَبْطُلُ بِالْجَهْلِ بالمتابعين، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَإِذَا صَحَّ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ بِمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجِبْ لِلْمُفَوَّضَةِ بِالْعَقْدِ مَهْرٌ لاشتراط سُقُوطِهِ، وَلَا لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِمَهْرٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرٌ، وَلَكِنْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِأَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرًا إِمَّا بِمُرَاضَاةِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، فَيَصِيرُ الْمَهْرُ بَعْدَ الْفَرْضِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، أَوْ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا، فَيَجِبُ لَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرٌ.
فَإِنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ قَوْلَانِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، فَيَصِيرُ الْمَهْرُ مُسْتَحَقًّا بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ:
إِمَّا بِأَنْ يَفْرِضَاهُ عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَإِمَّا بِأَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، وَإِمَّا بِالدُّخُولِ بِهَا، وَإِمَّا بِالْمَوْتِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ:
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ فَرَضْتُمْ لَهَا مَهْرًا، وَقَدْ شَرَطَ أَنْ لَيْسَ لَهَا مَهْرٌ؟ .
قِيلَ: لِتَخْرُجَ عَنْ حُكْمِ الْمَوْهُوبَةِ بِغَيْرِ مَهْرٍ الَّتِي خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيَكُونُ الشَّرْطُ مَحْمُولًا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا بِالْعَقْدِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا بِحَالٍ؟ .
قِيلَ: فِي النِّكَاحِ حِينَئِذٍ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْتِزَامَ هَذَا الشَّرْطِ يَجْعَلُهَا كَالْمَوْهُوبَةِ الَّتِي جعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَا مَخْصُوصًا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، لأنه شُرُوطَ الْمَهْرِ لَا تُؤَثِّرُ فِي عُقُودِ الْمَنَاكِحِ.

فَصْلٌ
فَأَمَّا إِذَا فَوَّضَ مَهْرَهَا، فَتَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا فِي الْعَقْدِ مَهْرًا، وَلَا شَرَطَ فِيهِ أَنْ لَيْسَ لَهَا مَهْرٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست