responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 440
فَإِنْ قَبِلَهَا جَازَ ثُمَّ يَنْظُرُ، فَإِنْ جَعَلْنَا الثَّمَرَةَ زَائِدَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَانَ بَذْلُ الزَّوْجَةِ لَهَا عَفْوًا عَنْهَا، فَلَا يُرَاعَى فِيهِ لَفْظُ الْهِبَةِ، وَلَا الْقَبْضِ.
وَإِنْ جَعَلْنَاهَا زِيَادَةً مُتَمَيِّزَةً فَهَلْ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْعَفْوِ أَوْ حُكْمُ الْهِبَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حُكْمُ الْهِبَةِ، وَلَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ، لِأَنَّهَا بِالتَّمْيِيزِ كَالْوَلَدِ الَّذِي لَوْ بَذَلَتْ نِصْفَهُ لِلزَّوْجِ مَعَ نِصْفِ أَمَةً كَانَتْ هِبَةً لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْعَفْوِ، وَتَتِمُّ بِغَيْرِ قَبْضٍ بِخِلَافِ الْوَلَدِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِبَذْلِهَا إِيصَالُ الزَّوْجِ إِلَى حَقِّهِ مِنَ النَّخْلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِهَا، وَخَالَفَ الْوَلَدَ، لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ بِالْأُمِّ دُونَهُ.
وَإِنِ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ قَبُولِ الثَّمَرَةِ فَفِي إِجْبَارِهِ على القبول ثلاثة أوجه:
أحدهما: أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الثَّمَرَةَ مُتَمَيِّزَةٌ، أَوْ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، لِأَنَّهُ مُنِعَ مِنَ النَّخْلِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا فِي الثَّمَرَةِ، فَإِذَا صَارَتْ إِلَيْهِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الثَّمَرَةَ زَائِدَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ أَوْ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، لِأَنَّ حَقَّهُ صَارَ فِي الْقِيمَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَعْدِلَ بِهِ إِلَى الْعَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَصَحُّ: أَنَّ إِجْبَارَهُ مُعْتَبَرٌ بِحُكْمِ الثَّمَرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ كَالْوَلَدِ، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى نِصْفِ قِيمَةِ النَّخْلِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَالسِمَنِ، أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ.

فَصْلٌ: إِيضَاحُ الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَبْذُلَ لَهُ نِصْفَ النَّخْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ.
فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا جَازَ، وَعَلَيْهِ تَرْكُ الثَّمَرَةِ عَلَى النَّخْلِ إِلَى تَكَامُلِ صَلَاحِهَا.
وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْقَبُولِ: لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ تَعْلِيلًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: دُخُولُ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى نَخْلِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ حَقَّهُ قَدْ صَارَ فِي الْقِيمَةِ فَلَمْ يَعْدِلْ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: حَقُّهُ فِي نِصْفِ النَّخْلِ يَرْجِعُ بِهَا، وَعَلَيْهِ تَرْكُ الثَّمَرَةِ إِلَى أَوَانِ جَذَاذِهَا كَالْمُشْتَرِي.
وَهَذَا الْجَمْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ أَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ مُرَاضَاةٍ فَلِذَلِكَ أُقِرَّ عَلَى مَا تَرَاضَيَا بِهِ مِنَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى نَخْلِ الْمُشْتَرِي لِرِضَاهُ بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ، وَمِلْكُ الصَّدَاقِ عَنْ طَلَاقٍ لَا مُرَاضَاةَ فِيهِ، فَاقْتَضَى الْمَنْعَ مِنْ دُخُولِ الضَّرَرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا،

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 440
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست