responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 412
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعْرُوفِ الْمَكَانِ فَهَذَا لَا تَصِحُّ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ وَتَصِحُّ عَلَيْهِ الْجُعَالَةُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَجْهُولُ الْمَكَانِ فَيَصِيرُ الصَّدَاقُ بِهِ مَجْهُولًا، وَالصَّدَاقُ الْمَجْهُولُ بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهِ جُعَالَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالصَّدَاقُ لَازِمٌ، فَتَنَافَيَا، فَبَطَلَ.

فَصْلٌ
فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا أَصْدَقَهَا أَنْ يَجِيئَهَا بِعَبْدِهَا الْآبِقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ أُجْرَةِ الْمَجِيءِ بِالْآبِقِ.
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ مَعْرُوفَ الْمَكَانِ أَوْ إِلَى الضَّرْبِ الثَّانِي إِذَا كَانَ مَجْهُولَ الْمَكَانِ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ الضَّرْبَ الْأَوَّلَ مَعَ الْعِلْمِ بِمَكَانِ الْآبِقِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلشَّافِعِيِّ وَلِسَائِرِ أَصْحَابِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أَرَادَ بِهِ الضَّرْبَ الثَّانِيَ إِذَا كَانَ مَجْهُولَ الْمَكَانِ وَكَانَتِ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ جُعَالَةً، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى بُطْلَانِ الصَّدَاقِ فِي كِتَابِ الْأُمِّ، وَمُخَالِفًا لِسَائِرِ أَصْحَابِنَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ فِي تَعْلِيلِ بُطْلَانِهِ، والله أعلم.

مسألة
قال الشافعي: " ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أجر التعليم (قال المزني) وبنصف أجر المجيء بالآبق فإن لم يعلمها أو لم يأتها بالآبق رجعت عليه بنصف مهر مثلها لأنه ليس له أن يخلو بها يعلمها ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِذَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ ثُمَّ طَلَّقَ.
وَالثَّانِي: إِذَا أَصْدَقَهَا أَنْ يَجِيئَهَا بِعَبْدِهَا الْآبِقِ ثُمَّ طَلَّقَ.
فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وهو أن يصدقها تعليم القرآن ثم طلق فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ تَعْلِيمِهَا:
أَحَدُهَا: أَنْ يُطَلِّقَ بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا جَمِيعَ الْقُرْآنِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ طَلَاقِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ.
إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ: فَقَدِ اسْتَقَرَّ لَهَا بِالدُّخُولِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَقَدْ وَفَّاهَا إِيَّاهُ بِتَعْلِيمِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فَلَا تراجع بينهما بشيء.
وإن كان طلاقها قَبْلَ الدُّخُولِ: فَقَدِ اسْتَحَقَّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} .
فَإِنْ كَانَ عَيْنًا حَاضِرَةً رَجَعَ بِنِصْفِهَا، وَإِنْ كانت تالفة ولها مثله رَجَعَ بِنِصْفِ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ: رَجَعَ بِقِيمَةِ نِصْفِهَا، وَلَيْسَ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ عَيْنًا حَاضِرَةً فَيَرْجِعُ بِنِصْفِهَا،

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست