responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 400
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَقَوْلُهُمْ: مَالٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ الْبُضْعُ فَاسِدٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ بِالْمَالِ، وَإِنَّمَا يُسْتَبَاحُ بِإِخْرَاجِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوِ اسْتُبِيحَ بِالْمَالِ لَمَا لَزِمَ رَدُّ الْمَالِ، وَرَدُّ الْمَالِ لَازِمٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ يُسْتَبَاحُ به العضو وإنما بقطع بِهِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَخْتَصُّ بِاسْتِبَاحَةِ عُضْوٍ بَلْ يُسْتَبَاحُ بِهِ جَمِيعُ الْبَدَنِ، فَبَطَلَ التَّعْلِيلُ بِمَا قَالُوهُ.
ثُمَّ الْمَعْنَى فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ أَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ كَالْجِنَايَاتِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ وَالْمَهْرُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُرَاضَاةٍ فَلَمْ يَتَقَدَّرْ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى مَا فِي مُقَابَلَتِهِ مِنَ الْبُضْعِ الْمُقَدَّرِ: فَفَاسِدٌ بِالْبَدَلِ فِي الْخُلْعِ هُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَإِنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ بُضْعٍ مُقَدَّرٍ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْبُضْعِ أَنَّهُ صَارَ مُقَدَّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ، فَصَارَ مُقَدَّرًا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَالْمَهْرُ يَتَجَزَّأُ فَصَحَّ أَنْ يَزِيدَ وَصَحَّ أَنْ يَنْقُصَ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ فَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّهَا مِنْ شُرُوطِ الْعَقْدِ فَتَقَدَّرَتْ كَمَا تَقَدَّرَتْ بِالزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، وَلَيْسَ كَالْمَهْرِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْوَاضِ الْمُرَاضَاةِ، وَلَوْ تَقَدَّرَ لَخَرَجَ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُرَاضَاةٍ.

فَصْلٌ
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ أَقَلَّ الْمَهْرِ وَأَكْثَرَهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِمَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ، إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ جَائِزَةَ الْأَمْرِ.
فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً زَوَّجَهَا أَبُوهَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، لِأَنَّهُ مُعَاوِضٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَرُوعِيَ فِيهِ عوض المثل كما يراعى في بيعه لما لها ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فِي بَيْعِهَا لِنَفْسِهَا.
وَالْأَوْلَى أَنْ يَعْدِلَ الزَّوْجَانِ عَنِ التَّنَاهِي فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي يَقْصُرُ الْعُمُرُ عَنْهَا، وَعَنِ التَّنَاهِي فِي النُّقْصَانِ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ فِي النُّفُوسِ مَوْقِعٌ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.
وَأَنْ يُقْتَدِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مُهُورِ نِسَائِهِ طَلَبًا لِلْبَرَكَةِ فِي مُوَافَقَتِهِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا رَوَتْهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَدْ جَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مُهُورَ الشَّرِيفَاتِ مِنْ نِسَاءِ قَوْمِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ اقْتِدَاءً بِصَدَاقِ أُمِّ حَبِيبَةَ.
وَقَدْ رَوَى مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خَيْرُهُنَّ أَيَسَرُهُنَّ صَدَاقًا ".
وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَحْسَنُهُنَّ وَجْهًا وأقلهن مهراً ".

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست