responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 393
فصل: القول في تعريف الصداق وأسماؤه
وَالصَّدَاقُ: هُوَ الْعِوَضُ الْمُسْتَحَقُّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ.
وَلَهُ فِي الشَّرْعِ سِتَّةُ أَسْمَاءٍ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: وَهِيَ الصَّدَاقُ وَالْأَجْرُ، وَالْفَرِيضَةُ وَجَاءَتِ السُّنَّةُ مِنْهَا بِاسْمَيْنِ: الْمَهْرُ وَالْعَلَائِقُ وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِاسْمٍ وَاحِدٍ: وَهُوَ الْعَقُورُ وَقَدْ مَضَتْ شَوَاهِدُ ذَلِكَ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ إذا لم يسم فيه الصداق
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَاجِبٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ سَمَّيَاهُ فِي الْعَقْدِ، صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ كَرِهْنَا تَرَكَ التَّسْمِيَةِ فِيهِ.
وَإِنَّمَا صَحَّ الْعَقْدُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ} (البقرة: 236) .
وَفِي مَعْنَى الْآيَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهَا لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن فريضة، فَتَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى لَمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفًا وَتَقْدِيرُهُ: فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً. وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ هُنَا الصَّدَاقُ، وَسَمَّاهُ فَرِيضَةً، لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَهُ لَهَا وَأَصْلُ الْفَرْضِ الْوُجُوبُ كَمَا يُقَالُ: فَرَضَ السُّلْطَانُ لِفُلَانٍ الْفَيْءَ أَيْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
(كَانَتْ فَرِيضَةً مَا أَتَيْتَ ... كَمَا كَانَ الزِّنَا فَرِيضَةَ الرَّجْمِ)

فَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَثْبَتَ النِّكَاحَ مَعَ تَرْكِ الصَّدَاقِ، وَجَوَّزَ فِيهِ الطَّلَاقَ، وَحَكَمَ لَهَا بِالْمُتْعَةِ إِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ كَرِهَ امْرَأَةً أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُوهُنَّ) {البقرة: 236) فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى طَلَاقَيِ الْكَارِهِ.
وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الذَّوَّاقَاتِ يَعْنِي الْفِرَاقَ بَعْدَ الذَّوْقِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَحَكَمَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمهر نسائها والميراث.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست