responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 375
تغير حينئذٍ زَمَانُ خِيَارِهَا فَيَعْرِضُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا الْفَسْخَ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْفَرِدَ بِفَسْخِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ فسخ بحكم ويحكم إِلَيْهِ دُونَهَا، لَكِنْ يَكُونُ الْحَاكِمُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أن يتولاه بنفسه وبين أن يترك ذَلِكَ إِلَيْهَا لِتَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهَا فَيَكُونُ هُوَ الْحَاكِمُ بِهِ، وَهِيَ الْمُسْتَوْفِيَةُ لَهُ فَإِذَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، كَانَتْ فُرْقَةً تَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصِلِهِ ولم تكن طلاقاً، فإن عاد فزوجها كَانَتْ مَعَهُ عَلَى ثَلَاثٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ وأبو حنيفة: تَكُونُ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا، وَلَا تَكُونُ فَسْخًا. وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ جِهَتِهَا وَالطَّلَاقُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، فَأَشْبَهَتِ الفرقة بالإسلام، والفسخ بالجنون.

فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَيْسَ بطلاقٍ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ: لَهَا الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَهَذَا عِنْدَنَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لَا يَكْمُلُ الْمَهْرُ، ويوجب الْعِدَّةَ بِالْإِصَابَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْعِنِّينِ الْإِصَابَةُ، لا تستحق نصف المسمى، ولأنه المتعة لم تكن مُسَمًّى؛ لِأَنَّهُ فسخٌ مِنْ جِهَتِهَا فَأَسْقَطَ مَهْرَهَا ومتعتها والله أعلم.

مسألة
قال الشافعي: رضي الله عنه: " فَإِذَا أَقَامَتْ مَعَهُ فَهُوَ تركٌ لِحَقِّهَا ".
قَالَ الماوردي: قد مضى الكلام في الفسخ؛ لأنه لَا يَصِحُّ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: انْقِضَاءُ السَّنَةِ.
والثاني: حكم الحاكم.
فأما الرضى فَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُقَامِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمٍ؛ لأنه يقيم بعقد سابق، ولا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمٍ فَلَمْ يَكُنِ الْمُقَامُ عَلَيْهِ مفتقراً إلى حكم، وهل يفتقر الرضى فِي لُزُومِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَمْ لَا؟ فيه وجهان:
أحدهما: يفتقر الرضى إِلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَإِنْ رَضِيَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لم يلزم؛ لأن الرضى إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ وَهِيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفَسْخَ فَلَمْ يَلْزَمْهَا الرضى كَالْأَمَةِ إِذَا رَضِيَتْ بِرِقِّ زَوْجِهَا قَبْلَ عِتْقِهَا لَمْ يلزمها الرضى بِوُجُودِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَيَصِحُّ الرِّضَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مَضْرُوبٌ لِظُهُورِ الْعُنَّةِ، فكان الرضى بها مُبْطِلًا لِلْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لَهَا، وَإِذَا بَطَلَ الْأَجَلُ لزم العقد.
والرضى إِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِصَرِيحِ الْقَوْلِ، وَكَانَ أَيْضًا، بأن يعرض الحاكم عليها الفسخ ولا تختار فيكون تركها للاختيار للفسخ رِضًا مِنْهَا بِالْمُقَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 375
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست