responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 369
وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهنِ بِالمَعْرُوفِ) {البقرة: 229) فَلَمَّا كَانَ الْوَطْءُ حَقًّا لَهُ عَلَيْهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٌ) {البقرة: 229) وَهِيَ الْفُرْقَةُ؛ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةِ، وَابْنِ عمر وجابر، أنه يؤجل فإن أصاب وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَقَدَّمَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ بِخِلَافِ هَذَا.
قِيلَ: تِلْكَ الرِّوَايَةُ لَيْسَتْ ثَابِتَةً؛ لِأَنَّ هَانِئَ بْنَ هَانِئٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ تِلْكَ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا عِنِّينًا؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ لِضَعْفِ الْكِبَرِ.
وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَنَّسَتْ عِنْدَهُ وَالْعِنِّينُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُصِبْهَا قَطُّ وَقَدْ قال الشافعي في إثبات الإجماع: لا أحفظ عمن لَقِيتُهُ خِلَافًا؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ لَهَا بِالْجَبِّ خيار الفسخ لفقد الإصابة المقصورة فكذلك العنة؛ ولأن الْعِنِّينَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمُولِي لِأَنَّ الْمُولِيَ تَارِكٌ لِلْإِصَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْعِنِّينَ تَارِكٌ لَهَا مَعَ الْعَجْزِ، فَلَمَّا كَانَ لَهَا الْفَسْخُ فِي الْإِيلَاءِ فَلَأَنْ يَكُونَ لَهَا فِي الْعُنَّةِ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا بِالرَّتْقِ لِتَعَذُّرِ الْجِمَاعِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى فِرَاقِهَا بِالطَّلَاقِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَجِبَ لَهَا بِعُنَّةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى فِرَاقِهِ بِالطَّلَاقِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا شَكَتْ ضَعْفَ جِمَاعِهِ، وَلَمْ تَشْكُ عَجْزَهُ عَنْهُ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَهَا: " لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ " وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا لَمَا ذَاقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عُسَيْلَةَ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا: " لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عسيلتك " فقالت يا رسول الله قد جاءني هبة وفيه معنيان:
أحدهما: أن الهبة مرة واحدة قاله ابن وهب.
والثاني: أنها حِقْبَةٌ مِنَ الدَّهْرِ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَهَذَا نص في الجواب.
والثالث: إِنَّهَا ادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الزَّوْجِ اعْتِرَافٌ بِدَعْوَاهَا بَلْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا قَوْلَهَا فَقَالَ: كَذَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي: " أَعْرُكُهَا عَرْكَ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ ".

فَصْلٌ
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعُنَّةَ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ خِيَارُ الْفَسْخِ فَهُوَ مُعْتَبِرٌ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ أَصَابَهَا قَطُّ فَإِنْ أَصَابَهَا مَرَّةً زَالَ عَنْهُ حُكْمُ الْعُنَّةِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى إِيلَاجِ حَشَفَةِ الذَّكَرِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى إِيلَاجِ الْحَشَفَةِ وَإِنِ اسْتَعَانَ بِيَدِهِ زال عنه حكم العنة، فإن تَكَامَلَ الشَّرْطَانِ وَتَصَادَقَ عَلَيْهِمَا الزَّوْجَانِ لَمْ يَتَعَجَّلِ الْفَسْخَ بِهَا، وَأُجِّلَ الزَّوْجُ لَهَا سَنَةً كَامِلَةً بالأهلة.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 369
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست