responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 336
وَرَوَى أَبُو غَطْفَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنْ عُمَرَ - رضي الله تعالى عَنْهُ - فَرَّقَ بَيْنَ مُحْرِمَيْنِ تَزَوَّجَا.
وَرَوَى قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ شَوْذَبٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَفَرَّقَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رُوِيَ عَنْهُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يَسُوغُ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّصَّ فِيهِ ثَابِتٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى ثابت بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ الْإِحْرَامُ كَالْوَطْءِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، فَقَدْ رَوَى مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ يَزِيدَ بن الأصم عَنْ مَيْمُونَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَزَوَّجَهَا وَهُمَا حَلَالَانِ.
وَرَوَى رَبِيعَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا، وَكُنْتُ أنا الرسول بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ صَحَّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ عَلَى أَنَّ أَبَا الطِّيِّبِ ابْنَ سَلَمَةَ جعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَخْصُوصًا بِالنِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى شِرَاءِ الْإِمَاءِ، فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعَ، لِجَوَازِ شِرَاءِ الْمُعْتَدَّةِ وَذَاتِ الْمَحْرَمِ، وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمَةُ، وَالْمَقْصُودُ، مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ، إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ مُعْتَدَّةً وَلَا ذَاتَ مَحْرَمٍ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمَةُ. فَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَتَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ، لِأَنَّهَا سَدُّ ثَلْمٍ فِي الْعَقْدِ وَرَفْعُ تَحْرِيمٍ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَتْ عَقْدًا مُبْتَدَأً فَجَازَتْ فِي الْإِحْرَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ يُرَاجِعُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ اعتباراً بهذا المعنى.

فصل
فإذا تقرر ما وصفنا أَنَّ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ بَاطِلٌ، فَمَتَى كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا فَوَكَّلَ حَلَالًا فِي الْعَقْدِ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا، لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لِمُحْرِمٍ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حلالاً فوكل محرماً كان النكاح باطلاً، لأنه نكاح عقده محرم، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ مُحْرِمًا فَوَكَّلَ حَلَالًا أَوْ كَانَ حَلَالًا فَوَكَّلَ مُحْرِمًا كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا.
فَأَمَّا الْحَاكِمُ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا لَمْ يجز له أن يزوج مسلمة وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ كَافِرَةً أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ كَالْمُسْلِمَةِ.
والثاني: لا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِوِلَايَةٍ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُهَا لحكم فَجَرَى مَجْرَى سَائِرِ أَحْكَامِهِ فِي إِحْرَامِهِ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست