responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 319
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ، فأنزل الله تعالى: تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (البقرة: 223) . وَأَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " في أي الخربتين أو في الخرزتين أَوْ فِي أَيِّ الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قبلها فنعم أم من دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا؟ فَلَا إِنَّ اللَّهَ لَا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن " وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رَوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب، عبد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، أما علي سئل عَنْهُ فَقَالَ: {أتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ} (الأعراف: 80) . وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا يَسْأَلُنِي عَنِ الْكُفْرِ، وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ فغلطا فِيهِ وَحَرَّمَاهُ، وَلَيْسَ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وخالف فَصَارَ إِجْمَاعًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفَهُمُ ابْنُ عُمَرَ قِيلَ: قَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ سَالِمٌ خِلَافَهُ، وَأَنْكَرَ عَلَى نَافِعٍ مَا رَوَاهُ عَنْهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ لِنَافِعٍ أَنْتَ رَجُلٌ أعجمي، إنما قال ابن عمر بن دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، فَصَحَّفْتَ وَقُلْتَ فِي دُبُرِهَا فَأَهْلَكْتَ النِّسَاءَ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ إِنَّهُ إِتْيَانٌ فوجب أن يكن مُحَرَّمًا كَاللِّوَاطِ، وَلِأَنَّهُ أَذًى مُعْتَادٌ فَوَجَبَ أَنْ يحرم الْإِصَابَةُ فِيهِ كَالْحَيْضِ، وَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ، لِأَنَّهُ نَادِرٌ.
فَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} فَقَدْ رَوَى جَابِرٌ إِنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا مَا ذَكَرَتْهُ الْيَهُودُ: أَنَّ مَنْ أَتَى امْرَأَةً مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهِمَ ابْنُ عُمَرَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ وَطَءَ فِي الْفَرْجِ مِنْ خلفها، وحكي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلِيٍّ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَلَسُوا يَوْمًا مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ إِنِّي لَآتِي امْرَأَتِي وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ، وَيَقُولُ الْآخَرُ إِنِّي لَآتِيهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ، وَيَقُولُ الْآخَرُ إِنِّي لَآتِيهَا وَهِيَ عَلَى جَنْبِهَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ إِنِّي لَآتِيهَا وَهِيَ بَارِكَةٌ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ مَا أَنْتُمْ إِلَّا أَمْثَالُ الْبَهَائِمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {حَرْثٌ لَكُمْ} والحرث هو من مزرع الأولاد في القبل، دليل على أَنَّ الْإِبَاحَةَ تَوَجَّهَتْ إِلَيْهِ دُونَ الدُّبُرِ الَّذِي ليس بموضع حرث، ولا من مُزْدَرِعٍ لِذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ منَ العَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ) {الشعراء: 165 - 166) فَمَعْنَاهُ أَتَأْتُونَ الْمَحْظُورَ مِنَ الذُّكْرَانِ، وَتَذَرُوَنَ الْمُبَاحَ مِنْ فُرُوجِ النِّسَاءِ وقَوْله تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ) {البقرة: 187) . فِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللِّبَاسَ السَّكَنُ كَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاساً} (الفرقان: 47) . أَيْ سَكَنًا.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست