responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 310
ذَلِكَ إِلَّا بِالْمُسْلِمِينَ فَكَانُوا أَخَصَّ بِالشَّهَادَةِ فِيهِ من غيرهم، وهذا حكم إذنها إذا كَانَتْ ثَيِّبًا بِالنُّطْقِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا بِالصَّمْتِ، ولا يعقده إِلَّا بِصَدَاقٍ حَلَالٍ، وَإِنْ كَانُوا يَرَوْنَ فِي دِينِهِمْ عَقْدَهُ بِالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْخُمُورِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَهَلْ يجوز أن يعقده كِتَابِيٌّ عَلَى وَثَنِيَّةٍ، أَوْ وَثَنِيٌّ عَلَى كِتَابِيَّةٍ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سعيد الإصطخري - لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى وَثَنِيَّةٍ وَلَا لِوَثَنِيٍّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى مُسْلِمَةٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: - وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ، لِأَنَّ الْكُفْرَ كله ملة واحدة.

مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: " وكذلك ما قبضت مِنْ مهرٍ حرامٌ وَلَوْ قَبَضَتْ نِصْفَهُ فِي الشِّرْكِ حَرَامًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا تَرَافَعَ الزَّوْجَانِ فِي صَدَاقِ نِكَاحٍ عُقِدَ لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يكون حلالاً معلوماً فيحكم على الزوج له، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَا عَلَيْهِ وَلَا يُلْزَمُ الزَّوْجُ غَيْرَهُ فَإِنْ أَقْبَضَهَا فِي الشِّرْكِ بَرِئَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبِضْهَا أَخَذَتْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ عند الترافع إلى الحاكم بعد بقائها عَلَى الشِّرْكِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَرَامًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا فِي الْإِسْلَامِ، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَقَاضَاهُ فِي الشِّرْكِ قَبْلَ التَّرَافُعِ إِلَى الْحَاكِمِ فَقَدْ بَرِئَ الزَّوْجُ مِنْهُ، لِأَنَّ مَا فَعَلَاهُ فِي الشِّرْكِ عَفْوٌ لَا يَتَعَقَّبُ بِنَقْضٍ كَمَا قال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بِقِيَ مِنَ الرِّبَا) {البقرة: 278) . فَجَعَلَ مَا مَضَى عَفْوًا وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ ".
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ بَاقِيًا لَمْ يَتَقَابَضَاهُ، فَلَا يجوز أن يحكم بإقباضه سواء ترفعا وَهُمَا عَلَى الشِّرْكِ أَوْ قَدْ أَسْلَمَا، وَيَحْكُمُ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ وَسَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ.
وقال أبو حنيفة: كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا حُكِمَ لَهَا بِهِ سَوَاءٌ أَسْلَمَا، أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَا عَلَى الشِّرْكِ حُكِمَ لَهَا بِمِثْلِ الخمر وإن كان قد أسلما حكم لها بقيمة الخمر بناء على أصله في غاصب الدار وفيها خمر إذا استهلكها وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَابَضَا بَعْضَهُ فِي الشِّرْكِ وَيَبْقَى بَعْضُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَ التَّرَافُعِ إِلَى الْحَاكِمِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ قَدْرِ مَا أَقْبَضَ فِي الشِّرْكِ وَيَحْكُمُ لَهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقِسْطِ مَا بقي

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست