responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 293
فَصْلٌ
وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَسْلَمَتِ الزَّوْجَةُ فِي عِدَّتِهَا، وَقَدِ ارْتَدَّ الزَّوْجُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالرِّدَّةِ من أحكام المسلمين فيكون نِكَاحُ الشِّرْكِ بَيْنَهُمَا ثَابِتًا بِإِسْلَامِهِمَا فِي الْعِدَّةِ وَيَسْتَأْنِفُ حُكْمَ الْفُرْقَةِ بِالرِّدَّةِ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، فإن عاد منها إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الرِّدَّةِ زَمَانُ الْعِدَّةِ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَ النِّكَاحُ بِرِدَّتِهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ الْمُشْرِكُ وَأَسْلَمَ بَعْدَهُ خَمْسٌ، وَقَدِ ارْتَدَّ الزَّوْجُ عَنِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَحَدًا، لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَجْرِي مَجْرَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْتَارَ - وَاللَّهُ أعلم -.

مسألة
قال الشافعي: " وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ امرأةٌ نَكَحَهَا فِي الشِّرْكِ بمتعةٍ أَوْ عَلَى خيارٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْهَا عَلَى الْأَبَدِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا نَكَحَ فِي الشِّرْكِ نِكَاحَ مُتْعَةٍ، وَهُوَ أن يقول: أمتعيني نفسك سَنَةً، فَهُوَ نِكَاحٌ إِلَى سَنَةٍ، فَإِذَا أَسْلَمَا عَلَيْهِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنِهِمَا، لِأَنَّهُمَا إِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا نِكَاحَ، وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَمْ يَعْتَقِدَا تَأْبِيدَهُ وَالنِّكَاحُ مَا تَأَبَّدَ.
وَأَمَّا إِذَا نَكَحَهَا بِخِيَارٍ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ مُؤَبَّدًا فَالنِّكَاحُ إِذَا أَسْلَمَا عَلَيْهِ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْتَقِدَا لُزُومَهُ وَالنِّكَاحُ مَا لَزِمَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يكون الخيار مؤقتاً فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسْلِمَا وَمُدَّةُ بالخيار بَاقِيَةٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُسْلِمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، لِأَنَّ مَا انْقَضَى مُدَّةَ خِيَارِهِ صَارَ معتقد اللُّزُومِ، وَأَمَّا إِنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَا، فَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ وَقْتَ إِسْلَامِهِمَا بَاقِيَةً فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقِيمَ عَلَى نِكَاحِهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ قَدِ انْقَضَتْ وَقْتَ إِسْلَامِهِمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي إِذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَصَارَتْ مُسْلِمَةً مَعَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، لِأَنَّ مَنَاكِحَ الشِّرْكِ مَعْفُوٌّ عَنْهَا، وَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَقَدِ اسْتَهْلَكَتْهَا عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فِي الشِّرْكِ فَسَقَطَ حُكْمُهَا، وَإِذَا كَانَتِ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تَسْتَهْلِكْ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَافْتَرَقَا.
فَأَمَّا إِذَا قَهَرَ الْمُشْرِكُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُشْرِكَةً عَلَى نَفْسِهَا فَزَنَى بِهَا ثُمَّ أسْلَمَا فَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ الْقَهْرَ عَلَى النَّفْسِ نِكَاحٌ مُسْتَدَامٌ صَارَ ذَلِكَ مِنْ عُقُودِ مَنَاكِحِهِمُ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي دِينِهِمْ نكاحاً فلا نكاح بينهما إذا أسلما.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست