responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 284
رَدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا أَوْ رَدَّهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَلَوْ أَرَادَ بِهِ الِاخْتِيَارَ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَجْرِي مَجْرَى عَقْدِ النِّكَاحِ الَّذِي لَا يصح إلا بالتصريح دون الكناية.
وفسخه قولان: أَنْ يَقُولَ قَدْ فَسَخْتُ نِكَاحَهَا أَوْ قَدْ رَفَعْتُ نِكَاحَهَا أَوْ قَدْ أَنْزَلْتُ نِكَاحَهَا فَكُلُّ ذَلِكَ فَسْخٌ صَرِيحٌ، لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مُشْتَرَكَةُ الْمَعَانِي، وَلَوْ قَالَ قَدْ صَرَفْتُهَا أَوْ أَبْعَدْتُهَا كَانَ كِنَايَةً يَرْجِعُ إِلَى إِرَادَتِهِ فِيهِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْفَسْخَ صَحَّ، لِأَنَّ الْفَسْخَ يَجْرِي مَجْرَى الطلاق الذي صح بالتصريح وَبِالْكِنَايَةِ، فَلَوْ قَالَ قَدْ حَرَّمْتُهَا كَانَ كِنَايَةً يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَيَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ اخْتِيَارًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْفَسْخَ كَانَ فَسْخًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَهَلْ يَكُونُ فَسْخًا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ فَسْخًا، لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ نِكَاحُهَا مُحَرَّمَةٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ فَسْخًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكِنَايَةَ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ نِيَّةٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حُكْمٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بَعْدَ الْفَسْخِ فَاقْتَضَى أَنْ يَتَقَدَّمَهُ مَا يَقَعُ بِهِ الْفَسْخُ، فَلَوْ قَالَ: قَدْ فَارَقْتُهَا كَانَ فَسْخًا وَلَوْ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتُهَا كَانَ اخْتِيَارًا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَا صَرِيحَيْنِ فِي طَلَاقِ الزَّوْجَاتِ، أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يقع إلا على زوجةٍ فلذلك جعلنه اختياراً، والفراق قد يقع على زوجته فيكون طلاقاً، وعلى غير زوجته: فَيَكُونُ إِبْعَادًا فَلِذَلِكَ جُعِلَ فَسْخًا، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْفِرَاقِ الطَّلَاقَ قُبِلَ مِنْهُ وَصَارَ اخْتِيَارًا وَطَلَاقًا وَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِالطَّلَاقِ الْفَسْخَ لَمْ يقبل منه، لأن الطلاق لا يصح إلا على زوجته، والفسخ لا يكون هاهنا إلا بغير زوجته، فَأَمَّا إِذَا قَالَ قَدْ سَرَّحْتُهَا كَانَ كَالْفِرَاقِ فَسْخًا؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَعْنَاهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطلاق صار اختيار كَالْفِرَاقِ، فَأَمَّا إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى لم تكن اخْتِيَارًا وَلَا فَسْخًا؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ وَالْإِيلَاءَ قَدْ تُخَاطَبُ بِهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ لَمْ يستقر حكمها إلا في زوجته، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الظِّهَارُ فِي الْحَالِ اخْتِيَارًا وَلَا فَسْخًا نَظَرَ فِي الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا وَآلَى فَإِنِ اخْتَارَ فَسْخَ نِكَاحِهَا سَقَطَ حُكْمُ ظهاره وإيلائه، وَإِنِ اخْتَارَ جِنْسَ نِكَاحِهَا ثَبَتَ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ منها؛ لأنها كانت زوجته وَقْتَ ظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ.

فَصْلٌ
فَأَمَّا إِذَا وَطِئَ من الثماني الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَفَسْخِهِ أَرْبَعًا، فَهَلْ يَكُونُ وطؤه اخْتِيَارًا لَهُنَّ كَمَا يَكُونُ وَطْءُ الْبَائِعِ لِلْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ فِي خِيَارِ الثَّلَاثِ اخْتِيَارًا لِفَسْخِ الْبَيْعِ؟ فَعَلَى هَذَا قَدْ ثَبَتَ بِوَطْئِهِنَّ اخْتِيَارُ نِكَاحِهِنَّ وَانْفَسَخَ بِهِ نِكَاحُ مَنْ عَدَاهُنَّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِيَارًا، لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَجْرِي مَجْرَى عَقْدِ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُعْقَدُ إِلَّا بالقول دون الفعل، كذلك الِاخْتِيَارُ وَخَالَفَ الْفَسْخُ فِي الْبَيْعِ، لِأَنَّهُ اسْتِفَادَةُ ملك والأملاك قد تستفاد بالملك كَالسَّبْيِ، وَبِالْقَوْلِ كَالْبَيْعِ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَفَادَ مِلْكُهُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَى خِيَارِهِ فِي اخْتِيَارِهِ مَنْ شَاءَ مِنَ الْمَوْطُوءَاتِ وَغَيْرِهِنَّ فَإِنِ اخْتَارَ إِمْسَاكَ الْمَوْطُوءَاتِ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ، وَكَانَتْ إِصَابَتُهُ لَهُنَّ إِصَابَةً فِي زَوْجِيَّةٍ فَلَا يَجِبُ بِهَا لَهُنَّ مَهْرٌ، وَلَا

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست