responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 249
والقول الثاني: لا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ رَجَعَتْهَا كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا قَالَهُ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَفِي مَعْنَى المختلعة الموطوءة بشبهة يجوز للواطء أَنْ يُصَرِّحَ بَخِطْبَتِهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ وَيَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِخِطْبَتِهَا وَفِي جَوَازِ تَعْرِيضِهِ قَوْلَانِ.

فَصْلٌ
فَإِذَا ثَبَتَ فَرْقٌ مَا بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ فَالتَّصْرِيحُ مَا زَالَ عَنْهُ الِاحْتِمَالُ وتحقق مِنْهُ الْمَقْصُودُ مِثْلَ قَوْلِهِ: أَنَا رَاغِبٌ فِي نكاحك، وأريد أن أتزوجك أو يقول إذا قضيت عِدَّتكِ فَزَوِّجِينِي بِنَفْسِكِ.
وَأَمَّا التَّعْرِيضُ: فَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالْكَلَامِ الْمُحْتَمَلِ إِلَى مَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: رُبَّ رَجُلٍ يَرْغَبُ فِيكِ، أَوْ أنني راغب، أو ما عليك إثم أو لعل اللَّهَ أَنْ يَسُوقَ إِلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ لَعَلَّ الله أن يحدث لك أمراً، فإذا أحللت فَآذِنِينِي إِلَى مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ أَضَافَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ إِذَا لم يصرح باسم النكاح، وكان محتمل أن يريده بكلامه أو يريد غيره، وإذ حَلَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَهَا بِالتَّصْرِيحِ حَلَّ لَهَا أَنْ تُجِيبَهُ عَلَى الْخِطْبَةِ بِالتَّصْرِيحِ، وَإِذَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْطُبَهَا إِلَّا بِالتَّعْرِيضِ دُونَ التَّصْرِيحِ حَرُمَ عَلَيْهَا أَنْ تُجِيبَهُ إِلَّا بِالتَّعْرِيضِ دُونَ التَّصْرِيحِ لِيَكُونَ جَوَابُهَا مِثْلَ خِطْبَتِهِ.
فَصْلٌ
وَإِذَا حل التعريض لها بالخطبة جاز سراً أو جهراً.
وَقَالَ دَاوُدُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ سِرًّا حَتَّى يَجْهَرَ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سَراً) {البقرة: 235) وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ لَمَّا حَلَّ اقْتَضَى أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ السِّرُّ وَالْجَهْرُ، فأما قوله: " لا تواعدوهن سراً " فَفِيهِ لِأَهْلِ التَّأْوِيلِ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ الزِّنَا، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ.
وَالثَّانِي: ألا تَنْكِحُوهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ سِرًّا، قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يزيد.
والثالث: ألا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن فِي عِدَدِهِنَّ أَنْ لَا يَنْكِحْنَ غَيْرَكُمْ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ.
وَالرَّابِعُ: أنه الجماع قال الشَّافِعِيُّ وَسُمِّيَ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ يُسِرُّ وَلَا يُظْهِرُ، وَاسْتَشْهَدَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ.
(أَلَا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ الْيَوْمَ أَنَّنِي ... كَبُرْتُ وَأَنْ لَا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي)

(كَذَبْتِ لَقَدْ أُصْبِي عَلَى الْمَرْءِ عِرْسَهُ ... وَأَمْنَعُ عِرْسِي أَنْ يُزَنِّ بِهَا الْخَالِي}
وَقَالَ آخَرُ:
(وَيَحْرُمُ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهِمْ ... وَيَأْكُلُ جارهم أنف القصاع)

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست