responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 245
الْمُسْلِمِ لِلْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِاخْتِصَاصِهَا مَعَهُ بِنَقْصَيْنِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ النَّقْصَيْنِ فِيهَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ نِكَاحِهَا كَالْوَثَنِيَّةِ الْحُرَّةِ لَا يَنْكِحُهَا حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ لِاجْتِمَاعِ النَّقْصَيْنِ، فَاسْتَوَى فِي تَحْرِيمِهَا بهما من ساواهما في أحدهما أو خالفها فِيهِمَا، فَإِذَا أَرَادَ كِتَابِيٌّ أَنْ يَنْكِحَ هَذِهِ الأمة الكتابية، ودعى حاكمها إلى إنكاحها ففي جوازه وجهان:
أحدهما: يجوز أن يزوجه بها؛ لأنه قَدْ صَارَتْ بِاجْتِمَاعِ النَّقْصَيْنِ مُحَرَّمَةً عِنْدَنَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي النَّقْصِ كَمَا يَجُوزُ أن يزوج وثنياً بوثنية.

مسألة
قال الشافعي: " وَأَيُّ صنفٍ حَلَّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ حَلَّ وَطْءُ إمائهم بالملك وما حرمَ نِكَاح حَرَائِرِهِمْ حرمَ وَطْء إِمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ كَمَا تَصِيرُ الْحُرَّةُ فِرَاشًا بالعقد، فأي صنف حل نكاح حرائرهم فهم الْمُسْلِمُونَ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَلَّ وَطْءُ إِمَائِهِمْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَهُنَّ الْإِمَاءُ الْمُسْلِمَاتُ، واليهوديات، والنصرانيات، وقد اسْتَمْتَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَمَتَيْنِ بِمِلْكِ يَمِينِهِ: إِحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ، وَهِيَ مَارِيَةُ، وَأَوْلَدَهَا ابْنَهُ إِبْرَاهِيمَ وَالْأُخْرَى يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ رَيْحَانَةُ ثُمَّ بُشِّرَ بِإِسْلَامِهَا فَسُّرَ بِهِ، وَأَعْتَقَ أَمَتَيْنِ وَتَزَوَّجَهُمَا وَجَعَلَ عِتْقَهُمَا صَدَاقَهُمَا:
إِحْدَاهُمَا: جُوَيْرِيَّةُ.
وَالْأُخْرَى: صَفِيَّةُ.
فَأَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ مِنَ الْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَلَا يَحِلُّ وَطْءُ إمائهم بملك اليمين.
وقال أبو ثور: كل وطء جمع الْإِمَاءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ عَلَى أَيِّ كُفْرٍ كَانَتْ مِنْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ وَثَنِيَّةٍ أَوْ دَهْرِيَّةٍ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَهُنَّ وَثَنِيَّاتٌ " أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرَ ذات حمل حتى تحيض " فأباح وطئهن بِالْمِلْكِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِنَّ؛ وِلِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أوسع حكماً منه بعقد النكاح؛ لأنه لا يَسْتَمْتِعُ مِنَ الْإِمَاءِ بِمَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ عددٍ محصورٍ وَلَا يَحِلُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَكْثَرُ من أربع فجاز لا تساع حكم الإماء أن يستمتع منهن بمن لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَهَا مِنَ الْوَثَنِيَّاتِ وَهَذَا خَطَأٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) {البقرة: 221) فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مُحَرَّمَاتٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَذَوَاتِ الْأَنْسَابِ؛ وَلِأَنَّ مَا حُرِّمَ بِهِ وَطْءُ ذَوَاتِ الْأَنْسَابِ حُرِّمَ بِهِ وَطْءُ الْوَثَنِيَّاتِ كَالنِّكَاحِ.
فَأَمَّا سَبْيُ هوازن، فَعَنْهُ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُنَّ قَدْ أَسْلَمْنَ؛ لِأَنَّ فِي النِّسَاءِ رِقَّةً لَا يَثْبُتْنَ مَعَهَا بَعْدَ السَّبْيِ عَلَى

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست