responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 222
نَصْرَانِيَّةً وَعَنْ طَلْحَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً، وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً، وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " نَكَحْنَاهُنَّ بِالْكُوفَةِ عَامَ الْفَتْحِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ " وَنَحْنُ لَا نَكَادُ نَجِدُ الْمُسْلِمَاتِ كَثِيرًا فَلَمَّا انْصَرَفْنَا من العراق طلقناهن، تحل لنا نساؤهم ولا تحل لَهُمْ نِسَاؤُنَا، فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ جَابِرٍ إخباراً عن أحوال جماعة المسلمين الذين مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَصَارَ إِجْمَاعًا مُنْتَشِرًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ عُمَرَ.
قِيلَ: ابْنُ عُمَرَ كَرِهَ وَلَمْ يُحَرِّمْ، فَلَمْ يَصِرْ مُخَالِفًا؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ كِتَابًا مِنْ كَلَامِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْبِيَائِهِ كَانُوا فِي التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى حَقٍّ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَاوُوا فِي الشِّرْكِ مَنْ لَمْ يكن من عبدة الأوثان على حق معه، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِحُرْمَةِ كِتَابِهِمْ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ دِينِهِمْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ بِالْجِزْيَةِ، وَأَكْلِ ذبائحهم جاز أن تفرق بَيْنَهُمْ فِي نِكَاحِ نِسَائِهِمْ فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ مَضَى الْجَوَابُ عَنْهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ) {الممتحنة: آية: 10) فمخصوص بعبدة الْأَوْثَانِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَمَمْنُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي قَبُولِ الْجِزْيَةِ، وَأَكْلِ الذَّبَائِحِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ كِتَابَهُمْ منسوخ فهو كما لو لَمْ يَكُنْ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مَا نُسِخَ حكمه لا يوجب أن لا يُنْسَخَ حُرْمَتُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَا نُسِخَ من القرآن ثَابِتُ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخَ الْحُكْمِ كَذَلِكَ نَسْخُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.

فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَهْلُ كِتَابٍ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ فَهُمْ ضَرْبَانِ.
بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَغَيْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ فَجَمِيعُ بَنِيهِ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي دِينِ مُوسَى حِينَ دَعَاهُمْ، دَخَلَ مِنْهُمْ فِي دِينِ عِيسَى مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانُوا عَلَى دِينِ حَقٍّ دَخَلُوا فِيهِ قَبْلَ تَبْدِيلِهِ، فَيَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ بِالْجِزْيَةِ وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ وَنِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ.
وَأَمَّا غَيْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ دخل في اليهودية من النصرانية من العرب والعجم والترك فَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
صِنْفٌ دَخَلُوا فِيهِ قَبْلَ التبديل كالروم حين دخلوا النَّصْرَانِيَّة، فَهَؤُلَاءِ كَبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي إِقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ وَنِكَاحِ حَرَائِرِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتب إلى قيصر الروم كتاباً

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست