responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 209
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وَلَا ينطلقُ اسْمُ الدُّخُولِ إِلَّا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ دُونَ النَّظَرِ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَلَمْ يُوجِبْ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ كَالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهَا، وَلِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْوَجْهِ وَالْبَدَنِ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ فَإِذَا كان لَا يَحْرُمُ فَمَا دُونَهُ أَوْلَى فَأَمَّا الْخَبَرُ فَرِوَايَةُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا، وَعَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَطْءِ فَكَنَّى عَنْهُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ فَمُنْتَقِضٌ بِالنَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ.

فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ تَحْرِيمُ الرَّبَائِبِ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَلَا فرق بين أن يكون فِي تَرْبِيَتِهِ وَحِجْرِهِ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ دَاوُدُ: إنما تحرم عليه إذا كان في تربيته وحجره، وحكاه مالك عن أَوْسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبِكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ} فعلق تحريم الربائب بشرطين:
أحدهما: أن يكون فِي حِجْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ بأمها فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي تَحْرِيمِهَا.
وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ هُوَ وُقُوعُ التَّنَافُسِ الْمُؤَدِّي إِلَى التَّقَاطُعِ وَالتَّبَاغُضِ وَلَيْسَ لِلْحِجْرِ فِي هَذَا المعنى تأثير فلم يكن له اعْتِبَارٌ، وَلِأَنَّ الْحِجْرَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ فِي إِبَاحَةٍ وَلَا حَظْرٍ أَلَا تَرَاهُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ فِي تَحْرِيمِ حَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ وَلَا فِي إِبَاحَةِ بَنَاتِ الْعَمِّ فَكَذَلِكَ فِي الرَّبَائِبِ وَلَيْسَ ذِكْرُ الْحَجْرِ فِي الرَّبَائِبِ شَرْطًا وَإِنَّمَا ذُكِرَ لأنه الأغلب في أَحْوَالِ الرَّبَائِبِ أنَّهُنَّ فِي حِجْرِ أَزْوَاجِ الْأُمَّهَاتِ فَصَارَ ذِكْرُهُ تَغْلِيبًا لِلصِّفَةِ لَا شَرْطًا فِي الحكم كما قال الله تَعَالَى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ) {البقرة: 187) وَالصَّائِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَسْجِدَ عَلَى طَرِيقِ الْأَغْلَبِ مِنْ أَحْوَالِهِ.
فَصْلٌ
فأما قول الشافعي: " لم تحل لها أُمُّهَا لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ " فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَعْنِي مُرْسَلَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ الْقُرْآنُ.
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: أَنِ الْمُبْهَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا إِلَّا حُكْمٌ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ مُبْهَمٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِيَةٌ تُخَالِفُ شِيَةً، وَكَانَ بَعْضُ أهل اللغة يذهب إلى تأويل ثالث: هو أَنَّ الْمُبْهَمَةَ الْمُشْكِلَةُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حكم الأم غير مشكل.

مسألة
قال الشافعي: " وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا وَلَا ابْنَتُهَا أَبَدًا وَلَا يَطَأُ أُخْتَهَا وَلَا عمتها وَلَا خَالَتَهَا حَتَّى يُحَرِّمَهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أن كل ما حرم عليه بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجَةِ حُرِّمَ بِوَطْءِ الْأَمَةِ لَا

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست