responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 182
الْبَيْعِ مُمْكِنٌ فَلَمْ يَجُزْ مَعَ بَقَائِهَا فِي يده وتصرفه فيها أن يجمع بينهما وبين قيمتها بخلاف المغصوبة إذا أبقت فلم يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا يَدٌ، وَلَا هُوَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَنَافِعِهَا قَادِرٌ وَلَيْسَ مَا اقْتَضَاهُ الشَّرْعُ مِنْ تَأْخِيرِ بَيْعِهَا إِلَى وَقْتِ الْوَضْعِ مُوجِبًا لِأَخْذِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى التَّسْلِيمِ كَالْمَغْصُوبَةِ إِذَا هَرَبَتْ إِلَى مَكَانٍ مَعْرُوفٍ يُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِرَدِّهَا وَلَا يُؤْخَذُ بِقِيمَتِهَا كذلك هذه في مدة حملها فهذه وجه لم يُفْسِدْ مَا قَالَهُ مِنْ وَجْهٍ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا تُسْتَحَقُّ إِذَا مُلِكَتْ مِلْكًا مستقراً في الظاهر، لأن المقصود بِهِ إِذَا أَبِقَتْ يُحْكَمُ بِقِيمَتِهَا تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْفَوَاتِ وَهَذِهِ الْقِيمَةُ لَا تُمْلَكُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا وَإِنَّمَا تَصِيرُ فِي يَدِهِ إِمَّا كَالْعَارِيَةِ، وِإِمَّا كَالرَّهْنِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِوَاجِبٍ فَلِمَاذَا يُحْكَمُ بِهَا غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ وَلَا مُعَارَةٍ، وَلَا مَرْهُونَةٍ، يَفْسَدُ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِيرُ جامعاً بين الرقبة والقيمة وأحدهما بدل من الآخر فلم يجز الجمع بينهما.

فَصْلٌ
وَأَمَّا وُجُوبُ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَا يَلْحَقُ بِالْأَبِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِبَقَاءِ رِقِّهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَلَوْ نَاسَبَهُ لَنَاسَبَهُ بِالْأُخُوَّةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الولد حراً قد لحق بِالْأَبِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تُجْعَلَ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَسْتَبْقِيهَا عَلَى رِقِّ الِابْنِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَبِ غُرْمُ قِيمَتِهِ، لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَهْلَكَ رِقَّهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَاعْتَبَرَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ.
وَقَالَ أبو يوسف: وَقْتَ التَّرَافُعِ إِلَى الْقَاضِي وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِتَقَدُّمِ اسْتِهْلَاكِهِ بِالْحُرِّيَّةِ عَلَى وَقْتِ التَّرَافُعِ إِلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ وَقْتَ الْعُلُوقِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْوُصُولَ إِلَى قِيمَتِهِ إلا عند الولادة فلذلك اعْتَبَرْنَاهَا فِيهِ وَلَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَى قِيمَتِهِ وقت العلوق لاعتبرناه.
والضرب الثاني: أن يجعل أُمَّهُ أُمَّ وَلَدٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أن يضعه بَعْدَ دَفْعِ قِيمَتِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ قِيمَةُ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهَا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ قَدِ اسْتَقَرَّتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ فَصَارَتْ وَاضِعَةً لَهُ فِي مِلْكِهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُ قَبْلَ دَفْعِ قِيمَتِهَا، وفي وجوب قيمته قولان مبنيان على اختلاف قوليه مَتَى تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَأَصَحُّ قَوْلَيْهِ: أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا تَضَعُهُ بَعْدَ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْعُلُوقِ مَعَ دَفْعِ الْقِيمَةِ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَقْتَ الْوِلَادَةِ أُمَّ وَلَدٍ فَهَذَا حُكْمُ وَطْءِ الأب جارية ابنه، وذلك لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ بِنْتِهِ، أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ، أَوِ ابْنِ بِنْتِهِ، أَوْ مَنْ سَفَلَ مِنْ أولاده والله أعلم.
فصل
فأما إذا وطء الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَهُوَ زَانٍ وَالْحَدُّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ إِنْ لَمْ يَجْهَلِ التَّحْرِيمَ بِخِلَافِ الْأَبِ لما قدمناه من الفرق بينهما في التسمية فِي الْإِعْفَافِ، وَفِي الْحُرْمَةِ فِي الْقِصَاصِ فَيَجْرِي عليهم حُكْمُ الزِّنَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَاسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ إِنْ أَكْرَهَهَا وَفِيهِ إِنْ طَاوَعَتْهُ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 9  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست